__________________
ـ والذل والأبعاد الثلاث واللهو واللعب ولواحق اللهب ، وتوجه إلى الحضرة السنية التي تبت بجحودها يدا أبى لهب.
وإياك والغفلة والتغافل فإنهما يستلان الخير ويخصصان السر. والغافل والمتغافل واحد ، لأن الغافل تؤديه غفلته إلى الفساد ، والمغفل يؤديه تغفيله إلى الفساد ، فقد اتفقا في المحصول الذي هو الفساد.
وليس ينفع المتغافل معرفته بما تغافل عنه إذا لم يستعمل فيه ما يجب ، ولا يضر العاقل جهله بما لم يعلم إذا لم يعمل فيه ما يجب ، لأنهما قد اتفقا في الإضاعة ، وتباينا في العلم والجهل. وعليك بالهمة الجليلة التي هي سوق لا يتبدل إما العمر كله وإما في أكثر الزمان إلى الشيء الذي هو وكل الإنسان أن يفعله في حياته والخسيسة بضد ذلك. وبالجملة : إن كان الشيء الذي تطلبه الهمة جليلا قيل في الهمة إنها جليلة ، وإن كان خسيسا قيل في الهمة إنها خسيسة. وعليك بالسيرة الجميلة التي هي الأفعال المحمودة التي يدور الإنسان عليها في حياته ويجعل وكده أن يفعلها ويتخلق بها ويعامل بها ذاته وغيره ، ويجعلها مقدمته لمقاصده الكريمة. وعليك بالصناعة الرئيسة التي هي رئيسة على الإطلاق ، وهي التي تعرف أي الصناعات والعلوم ينبغي أن تكون في المدن ، وأي الصناعات والعلوم ينبغي أن يبلغ المتعلم [اكتسابها] باكتساب الشيء الذي يسمى خيرا.
واعلم أنه لا بد لكل متوجه ولكل سعيد أو شقي أو غافل أو متغافل أو عالم أو جاهل من خير ما يتشوق إليه في شأنه الذي هو فيه ويطلبه ، ولكنه لا يطلق الخير حقيقة ، ولا يعقل إلا في الخير الذي هو سبب السعادة توجد عنده أو به أو معه أو فيه أو منه ، أو إليه ، أو عليه ، أو عنه ، أو له ، ويطلع على لزوم الشرط والمشروط ، مثال ذلك : الحياة شرط في العقل ، والعقل شرط في العلم ، والعلم شرط في العمل الصالح ، والعمل الصالح شرط في الفضل ، والفضل شرط في السعادة ، والسعادة شرط في الكمال ، والكمال شرط في الخير ، والخير شرطه وأصله التخصيص ، ولواحقه كثيرة هيئية وطبيعية بل العناية الإلهية خاصة.
وأنواع الخير ثلاثة : أحدها : الشيء الذي يراد لأجل ذاته ولا يراد في وقت من الأوقات لأجل غيره.
الثاني : الذي يراد ويؤثر أبدا لأجل غيره ولا يؤثر أصلا ولا يراد في وقت من الأوقات لأجل ذاته مثل الأشياء المؤذية المؤلمة كشرب الدواء المر الشنيع الطعم الكريه الرائحة ، فإن هذه شرور بذواتها ، وخير بالإضافة إلى الانتفاع بها.
والثالث : من هذه الأشياء هو الخير بالإطلاق ، فعليك به وبما بعده.
والذي حملني على إفشاء هذا السر الذي لا يظفر به في كتاب ولا سمع في معتاد خطاب ما ظهر في زماننا هذا من آراء فاسدة وأحوال سيئة ، وقلة استقامة في بعض الفقراء وعدم الإنصاف في بعض الطلبة وسوء ظن العامة في الجميع مع غيره من المشار إليه ويشاور ويشار إليه ، ويعول على الله لا عليه.