لشربه لا يزال يستثقل الصوم والصلاة ونحوهما من العبادات ، واستثقال العبادات المشروعة كفر ، فالمؤدي إليه الدخان ونحوه حرام لا محالة وخبيث لا شبهة.
وقد جعل الله الطبيبات للطيبين ، والخبيثات للخبيثين ، فليختر الخبيثون لنفوسهم بنفوسهم ما شاءت نفوسهم ، كما أنه ليختر الطيبون لنفوسهم بربهم ما شاء ربهم ، فمن لم يعرف القمح من الزّمن الزّوان ؛ وقع في العناد والحرمان ، وترك العمل بالآية والحديث ؛ أذية لله ورسوله.
وقد قال : (إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللهُ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ) [الأحزاب : ٥٧].
والنفس السليمة تفرق بين الطيب والخبيث فلا تقرب من الخبيث ، فكيف إذا أيّدها النصوص والشواهد والبينات؟! فإن من فقد شمه ؛ استوى عنده الخبيث والطيب ، ولأمر ما أمر الشارع بالسواك ، فإن كنت من أهل الفهم ؛ طهّرت الفم والفؤاد ؛ فإنه لا يمس المراد إلا المطهّرون من الأدناس والأوضار ، ولا يليق بالمعاني إلا أهل الحقائق الأخيار.
٨ ـ في الحديث الصحيح : «من أنظر معسرا» (١) :
أي أخّر مطالبته ذي عسرة ؛ وهو المديون الفقير.
قال صلىاللهعليهوسلم : «أو وضع له» (٢) : أي حطّ عن دينه بعضه أو كله.
ولّما كان في هذا إزاحة الغم عن القلب ، وإراحة الروح عن الهم ؛ جعل جزاءه الاستراحة الأخروية ، كما قال صلىاللهعليهوسلم : «أظله الله تحت ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله» (٣).
فإن الإظلال في الحقيقة (٤) : عبارة عن الإراحة سواء كان هناك ظل حقيقة أو
__________________
(١) رواه البخاري (٢ / ٧٣١) ، ومسلم (٤ / ٢٣٠٢).
(٢) رواه الحاكم في المستدرك (٢ / ٣٣) ، وابن حبان في صحيحه (١١ / ٤٢٤).
(٣) رواه البخاري (٢ / ٥١٧) ، ومسلم (٢ / ٧١٥).
(٤) قلت : (يظلهم الله تعالى في ظلّه) إضافة الظل إليه سبحانه وتعالى إضافة تشريف ، (كناقة الله) ، والله تعالى منزّه عن الظل ؛ إذ هو من خواص الأجسام.