الأوقات المخصوصة في المعابد.
إذ لا بد لابن آدم من أكل ما هو مباح الأصل ، وإن كان في بعض الأقات على أن العزيمة الترك مطلقا ؛ ولذلك كان صلىاللهعليهوسلم لا يأكل البصل ونحوه بتا ، وإن لم يقرب من المسجد ؛ لكثرة نزول الملائكة عليه وحضورهم لديه.
فإنه إذا كان ظاهر المسجد لا يحتمل ما ذكر ، فكيف باطنه ؛ وهو القلب المطهّر المبخّر بالروائح الأنسية الغيبية ، ومن هنا يعرف حال الضّب ونحوه ، فإنه ـ عليه الصلاة والسّلام ـ لم يمنع العامة عن أكله مع أنه لم يأكله ، ففرق بين الرجال الحاضرين محاضر الأنس والقرب ، وبين الغائبين عنها.
ولّما أهبط أبو البشر آدم عليهالسلام إلى الأرض ؛ أغشي عليه من رائحة الدنيا المنتنة ؛ لاعتياده بروائح الجنة العطرة ، فإذا كان حال ما هو مباح الأصل هذا ، فما ظنك بغيره؟
وإن كان يستطيبه أكثر العوام فإنه ليس الكلام معهم ؛ بل مع الخواص ؛ فإنهم هم الذين يعتبر استطابتهم واستخباثهم ؛ ولذا عدّوا من استعمله ممن هو في ذي المتصوّفة شيطانيا نفسانيا ؛ لأن الإسراف يوجب الحرمان من المناجاة ، فكيف الإسراف في المحرمات والمشتبهات؟! وكل ما هو حجاب عن الله تعالى فهو حرام.
فإن قلت : أليس الله تعالى هو القائل : (هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ) [البقرة : ٢٩]. واللام للمنفعة.
قلت : بل اللام للعلة في الحقيقة : أي هو الذي خلق لامتحانكم كما قال : (إِنَّا جَعَلْنا ما عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَها لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً) [الكهف : ٧] ، مع قوله : (قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ) [الأعراف : ٣٢] ، على أن قولهم : إن الأصل في الأشياء الإباحة ؛ معناه في الأشياء النافعة لا في الضارة ، ومن الضارة شرب الدخان ؛ كأكل التراب ، والفحم المحروق ونحوها مما فيه ضرر بيّن للبدن الذي يقوم أمر الطاعة ، وخدمة العبادة.
وأقوى أدلة حرمة الدخان قوله تعالى : (وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) [الذاريات : ٥٦] ، وذلك أنه لا شك عند أهل العقول السليمة أن المعتاد