وإن بعض الواصلين إلى مرتبة الخلافة قد لبسها من يد الخضر عليهالسلام ، فلا اعتبار بقول المحدثين : من أن لبس الخرق من أيدي المشايخ مما لا أصل له في الشرع على أن نقول : إن ما فعله النبي صلىاللهعليهوسلم من إلقاء ردائه على كعب بن زهير حين أنشد قصيدته يكفي دليلا في باب العمل (١).
والثاني منها : القلب الذي يشتمل على سرّ الله الأعظم كما قال تعالى :
__________________
ـ في لحيته ، ثم مات ، فبكى جعفر وقال : ما تقولون في رجل لم يفته في آخر عمره أدب من آداب الشريعة.
وعن بكير صاحب الشبلي قال : وجد الشبلي في يوم جمعة خفة من وجع كان به ، فقال : تنشط تمضي إلى الجامع ، قلت : نعم ، فاتكأ على يدي حتى انتهينا إلى الوراقين من الجانب الشرقي ، قال : فتلقانا رجل جاء من الرصافة ، فقال بكير قلت : لبيك قال : غدا يكون لنا مع هذا الشيخ شأن ، ثم مضينا فصلينا ، ثم عدنا ، فتناول شيئا من الغداء ، فلما كان الليل ، مات رحمهالله فقيل لي : في درب السقائين رجل شيخ صالح ، يغسّل الموتى ، فدلوني عليه في سحر ذلك اليوم ، فنقرت الباب خفيا ، فقلت : سلام عليكم فقال : مات الشبلي؟ قلت : نعم ، فخرج إلي فإذا به الشيخ ، فقلت : لا إله إلا الله ، فقال : لا إله إلا الله تعجبا ، ثم قلت : قال لي الشبلي أمس لما التقينا بك في الوراقين غدا يكون لي مع هذا الشيخ شأن بحق معبودك من أين لك أن الشبلي قد مات؟ قال : يا أبله ، فمن أين للشبلي أنه يكون له معي شأن من الشأن اليوم.
توفي الشبلي في ذي الحجة سنة أربع وثلاثين وثلاث مائة وهو ابن سبع وثمانين سنة ، قدّس الله سرّه.
انظر في ترجمته : سير النبلاء (١٥ / ٣٦٧) ، وتاريخ بغداد (١٤ / ٣٨٩) ، والرسالة القشيرية (ص ٤٣).
(١) فائدة : شرط إلباس الخرقة أن يكون الشيخ في قوة وعزم ينزع من المريد جميع الأخلاق الرديئة مع الذي يأمره بنزعه من القميص والقلنسوة ، ويفرغ عليه جميع الأخلاق الحميدة مع إلباسه ما يلبسه من المذكور فلا يسري فيه خلق رديء ، ولا يحتاج إلى صلاح خلق من الأخلاق.
وهكذا ألبس الشيخ إبراهيم المتبولي قدسسره من الرسول صلىاللهعليهوسلم يقظة ، وألبسها الشيخ عليّ الخواص السيد إبراهيم المتبولي كذلك ، ولبسها الشيخ الأكبر من يد أبي العباس الخضر عليهالسلام تجاه الحجر الأسود كذلك ، وأيضا الشيخ الأكبر ألبسها المريدين كذلك فما بقي في هذا الزمان لأحد إلباس الخرقة ولا إرخاء العدبة ولا التلقين لأحد لفقد شروطها ، وإنما يقصد بها التبرك والدخول في سلسلة سند القول ، ومع هذا التبرك بهم بالزهد والتوكل وغير ذلك من عدم النوم وخوف الله تعالى أولى ، مع أن هذا لازم لذاك ، والله يتولى هدانا وهداك.