الشهوانية النفسانية الحاوية لأنواع الشهوات ، والأهواء ، والأخلاق السيئة ، فلمّا كان أصل الحسنات من الأنوار ؛ أدّى إلى الجنان التي خلقها الله من أنوار لطفه وجماله ، ولمّا كان أصل السيئات من الظلمات ؛ جرت إلى جهنم التي خلقها الله من ظلمات قهره وجلاله.
فأهل الجنة : أهل الوجود الحقيقي الذي يضاف إلى الله تعالى ، وأهل النار : أهل
__________________
ـ وفي تحفة الإخوان والبدور أيضا ما يفيد معناه قال : «جاءني جبريل عليهالسلام يقول هذه الآية : (وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ)[الحجر : ٤٣] ، فقلت : يا جبريل صف لي النار وأهوالها؟ فقال لي : يا محمد ، لما خلق الله النار أوقد عليها ألف عام حتى احمرت ، وألف عام حتى ابيضت ، وألف عام حتى اسودّت ، فهي سوداء مظلمة ، وقودها الناس والحجارة ، قعرها بعيد ، وعذابها شديد ، وشراب أهلها صديد ، وسرابيلهم من القطران ، لا يطفأ لهيبها ، ولا يخمد جمرها ، والذي بعثك بالحق نبيّا لو أن مثل ثقب الإبرة فتح من جهنم لاحترقت الدنيا ومن عليها ، والذي بعثك بالحق نبيّا لو أن ذراعا من السلسلة التي ذكرها الله في سورة الحاقة وضع على أعظم جبل في الدنيا لذاب حتى يبلغ الأرض السابعة ، والذي بعثك بالحق نبيّا لو أن ثوبا من ثياب أهل النار علق ما بين السماء والأرض لمات أهل الدنيا من شدة نتنه ، يا محمد والذي بعثك بالحق نبيّا لو أن رجلا يعذّب بالمغرب لاحترق أهل المشرق من شدة عذابه ، يا محمد لها سبعة أبواب كما قاله تعالى : (وَما أَدْراكَ ما سَقَرُ* لا تُبْقِي وَلا تَذَرُ* لَوَّاحَةٌ لِلْبَشَرِ)[المدثر : ٢٧ ، ٢٨ ، ٢٩] : أي مغيرة للبشر ، وقال الله تعالى : (وَما أَدْراكَ ما هِيَهْ* نارٌ حامِيَةٌ)[القارعة : ١٠ ، ١١] ، وقال تعالى : (كَلَّا لَيُنْبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ* وَما أَدْراكَ مَا الْحُطَمَةُ)[الهمزة : ٤ ، ٥]».
ورد تفسيرها في الحديث المرفوع أن النار تأكل أهلها حتى إذا طلعت على أفئدتهم انتهت ، ثم يعود كما كان ، ثم تستقبله أيضا فتطلع على فؤاده فهو كذلك أبدا ، وقال الله تعالى : (كَلَّا إِنَّها لَظى * نَزَّاعَةً لِلشَّوى)[المعارج : ١٥ ، ١٦] ، جمع شواة ، وهي جلدة الرأس ، وقال الله تعالى : (وَإِذَا الْجَحِيمُ سُعِّرَتْ)[التكوير : ١٢] : أي أوقدت وأضرمت.
وأما ما جاء في محلها :
قال في البدور : وأخرج أبو الشيخ في العظمة ، والبيهقي من طريق أبي الزرعاء عن عبد الله قال : الجنة في السماء السابعة العليا ، والنار في الأرض.
وأخرج أبو نعيم في تاريخ أصبهان عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «إن جهنم محيطة بالدنيا ، وإن الجنة من ورائها ، فلذلك كان الصراط على جهنم طريقا إلى الجنة» ، والله أعلم.