حقائق قطعا ؛ ولذا كان صلىاللهعليهوسلم حبب إليه النساء : أي ازدواج الصديقات الجامعة بين الكمال الظاهر والكمال الباطن.
كما قال : «خذوا ثلثي دينكم من عائشة» (١) ، وشهد بكمال آسية ، ومريم ، وخديجة ، وفاطمة رضي الله عن كلهن بخلاف سائر الأنبياء ، فإن بعضهم كنوح ، ولوط لم يتيسّر لهم الوفاق ، والطباق مع زوجته.
وقد فضّل نبينا صلىاللهعليهوسلم على آدم عليهالسلام بخصلتين أحدهما : أن حواء لم تكن معينة له في طاعة الله ؛ بل كانت سببا لزلّته بخلاف الأزواج المطهّرة.
والثانية : أن شيطان آدم لم يسلم بخلاف نبينا مع قرينه ؛ ولذا لم يأمره إلا بخير.
والحاصل : أن النكاح المبتدئ ، والموسّط من السالكين ؛ كنكاح المتعة ، فازدواجهما مع أزواجهما الصورية ، والمعنوية ليس بازدواج حقيقي ، إذ ليس عندهما ذوق القربة والوصلة بخلاف حال المنتهى ، فإنه إذا حصل له الفتح المطلق الكلي الجامع لجميع الفتوح ؛ كانت النساء الطبيعية عنده محلّاة إذ لا سبيل للطبيعة ، فإنه إنما يجرى عليه أحكام الحقيقة في كل أمر من الأمور التي يزاولها ويباشرها.
فأين الباقي بنفسه عن الباقي بربه؟ وأين الفاني عن نفسه بأن يكون مغشيا عليه بغلبة خط طبيعته عن الفاني عن نفسه بأن يكون مأخوذا عن الحس بحكم تجلّي هويته؟ ففرق عظيم ، والله بين الخطين.
فأحدهما : قاصر ناقص.
والآخر : تام كامل.
وقياس أحدهما على الآخر قياس فاسد ناشئ عن عدم إدراك الحقائق بتمامها ، وعدم مطالعة التجليّات بكمالها ، والله الهادي ، ولأهل البوادي.
٣٧ ـ في البخاري قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «من كان يؤمن بالله واليوم الآخرة ؛ فليصل رحمه» (٢) :
__________________
(١) رواه الديلمي (٢ / ٢٦٥).
(٢) رواه البخاري (٥ / ٢٢٧٣) ، وذكره المنذري في الترغيب والترهيب (٣ / ٢٤٩).