٥ ـ في الحديث الصحيح : «من أدرك ماله بعينه عند رجل أفلس ، أو إنسان قد أفلس ؛ فهو أحق به من غيره» (١) :
فيه إشارة إلى أن «الحكمة ضالة المؤمن إينما وجدها أخذها» (٢) ، إذ بتلك الحكمة يتموّل ويستغنى.
كما قال الله سبحانه وتعالى : (وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً) [البقرة : ٢٦٩](٣).
وفي قوله : (عند رجل أفلس) : إشارة إلى قوله : «خذوا العلم من أفواه
__________________
(١) رواه البخاري (٢ / ٨٤٦) ، ومسلم (٣ / ١١٩٣).
(٢) رواه الترمذي (٥ / ٥١) ، وابن ماجه (٢ / ١٣٩٥) بنحوه.
(٣) تفسير الحكمة على خمسة وجوه :
فوجه منها : الحكمة : يعني المواعظ التي في القرآن من الأمر والنهي ، فذلك قوله في البقرة (وَما أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْكِتابِ)[يونس : ٢٦] ، يعني القرآن ، (وَالْحِكْمَةِ) يعني المواعظ التي في القرآن من الأمر والنهي والحلال والحرام ، كقوله في النساء : (وَأَنْزَلَ اللهُ عَلَيْكَ الْكِتابَ)[النساء : ١١٣] ، يعني القرآن ، (وَالْحِكْمَةَ ،) يعني الحلال والحرام الذي في البقرة ، نظيرها في آل عمران : (وَيُعَلِّمُهُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ)[آل عمران : ٤٨] ، يعني المواعظ التي في القرآن من الحلال والحرام مثلها في آل عمران ، كقوله عن يحيى في سورة مريم : (وَآتَيْناهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا)[مريم : ١٢] ، يعني الفهم والعلم.
والوجه الثاني : الحكمة : يعني الفهم والعلم ، كقوله عن لقمان : (وَلَقَدْ آتَيْنا لُقْمانَ الْحِكْمَةَ)[لقمان : ١٢] ، يعني الفهم والعلم ، وقال في الأنبياء : (وَكُلًّا آتَيْنا حُكْماً وَعِلْماً)[الأنبياء : ٧٩] ، يعني الفهم والعلم ، وقال في الأنعام : (أُولئِكَ الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ وَالْحُكْمَ)[الأنعام : ٨٩] ، يعني الفهم والعلم.
والوجه الثالث : الحكمة : يعني النبوة ، فذلك قوله في النساء : (فَقَدْ آتَيْنا آلَ إِبْراهِيمَ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ)[النساء : ٥٤] ، يعني النبوة ، وقال في ص : (وَآتَيْناهُ الْحِكْمَةَ)[ص : ٢٠] ، يعني النبوة (وَفَصْلَ الْخِطابِ ،) وقال لداود في البقرة : (وَآتاهُ اللهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ) (٣) [البقرة : ٢٥١] ، يعني النبوة.
والوجه الرابع : الحكمة : يعني تفسير القرآن ، فذلك قوله في البقرة : (وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً)[البقرة : ٢٦٩].
والوجه الخامس : الحكمة : يعني القرآن ، فذلك قوله في النحل : (ادْعُ إِلى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ)[النحل : ١٢٥] ، يعني القرآن. وانظر : الوجوه والنظائر لمقاتل (ص ٢٦) بتحقيقنا.