في الحقيقة ؛ ولذا لا تنكح الحاملة ؛ لأن فيه سقي زرع الغير بماء الغير ، فمن غصب أرض الغير ؛ فقد غصبها بمائها ، والماء لا يكون مغصوبا ؛ لأنه سيال غير قار فلا يجوز على أنه جار مرة ومنقطع أخرى.
وكذا الروح ممد الحياة ، وبه ينموا الجسد ويبقى وهو منفوخ من الله تعالى ، وأرضه هو الجسد ، وآثاره ، فالقبض الذي يحصل من جانب الروح إنما لصاحب ذلك الروح ؛ فالغير إذا ادعاه لنفسه ؛ فكأنه أضاف الزرع المتبقى بماء غيره إلى نفسه ؛ وذلك ظاهر البطلان ، فالأرض لا تملك إلا بمائها ؛ ولذا كان بيع الحر من أكبر الكبائر ؛ إذ لا يجري فيه الملك إلا لله تعالى ، فكل من التطويق ، والخسف جزاء وفاق ، فالتطويق باعتبار استعلاء الطبيعة عليه ، والخسف باعتبار توغّله في الأمور الطبيعة.
ولّما كان الظلم وضع الشيء في غير موضعه ؛ كان جزاؤه من جنسه ، فوضع الأرض على عنق الظالم ؛ وهي ليست محلها الموضوع لها ، وخسف بالأرض ، وقد كان مقرّه وجه الأرض وظاهرها ، فالقلب من الظاهر إلى الباطن إلى عدم علمه بظاهر الأمر في تلك الغير.
(وسبع أرضين) :
إشارة إلى طبقات الوجود ، وقاراته السبع مع أنه منطو على أعضاء سبع هي مفتاح الأبواب السبعة للنار التي تحت الأرضين ؛ وهي : السمع ، والبصر ، واللسان ، واليدان والرجلان ، والبطن ، والفرج.
وأمّا القلب : فمن سماء الروح لا من أرض القلب ، وكذا هو مشتمل على عناصر الأربعة ، الجسد ، والنفس النامية ، والنفس الحيوانية.
وكل ذلك مما يلى ظاهر الوجود ، فلمّا اشترك هذه السبعة في المعصية ؛ جوزيت بالسبع فكان المنتهى هو السجين ؛ وهي الطبيعة الشاغلة ، وفي الحديث نهي عن التعرض إلى الغير إلا بحقه ؛ كالقصاص وسائر الحدود.
* * *