__________________
ـ بمعنى طاف كذا في القاموس.
و (اللاهوت) عالم أعلى كما أن الجبروت عالم أوسط ، والملك عالم الشهادة والملكوت عالم الغيب الإضافي والحقيقي فهو يعم الجبروت والعظموت واللاهوت.
وقيل : إن الملكوت عالم الأرواح ، والمعنى الشيخ المسلك لك أيها السالك الطالب للسلوك الموصل لك إلى القدسية الكاشف لك الحجب المانعة لك من الوصل والمقرب لك إلى جناب حضرة مولاك الناقل لك من نار البعد ، والانفصال إلى جنة القرب ، والاتصال هو الذي يميت نفسك وهواك عن السوى ، ويقطعها عن حظوظها وشهواتها كالميت قبل أن تموت بالموت الطبيعي اللازم للطبيعة الحيوانية ، فتكون أنت ميتا ماشيا على وجه الأرض كما هو حال أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنه ، وشهد له النبي صلىاللهعليهوسلم بهذا الحال حيث قال : «من أراد أن ينظر إلى ميت يمشي على وجه الأرض فلينظر إلى أبي بكر رضي الله عنه».
وأيضا الشيخ هو الذي جال وطاف بروحك لا ببدنك ؛ لأن الجولان في عالم الغيب بالبدن من خواص خاتم الرسل عليه وعلى آله أفضل ـ الصلاة وأتم السّلام ـ والكمّل من ورثته يطوفون بأرواحهم لا بأبدانهم ، فالشيخ يطوف بروحك في عالم اللاهوت ويعرج بك إلى العظموت ، ويشهدك منازل الناسوت إلى أن يقول لك : ها أنت ومولاك ، فتبلغ غاية الرضا وأقصى المنى ، ولا يبقى في قلبك شيء من السوى.
وبالجملة إن لم يأخذ السالك الطريق ممن يكون من الرجال الموصوفين بأوصاف الكمال فلن يفلح.
وقوله : (الشيخ من نقل أسمك ومحى رسمك) أي : الشيخ الذي يسلك بك هو الذي نقل اسمك عنك بإفناء وجودك في وجود الحق تعالى ، فلا يبقى لك اسم ومحى أيضا رسمك بإفناء إرادتك في إرادة الله تعالى ، فلا يبقى لك رسم ، فبالأول يحصل لك الفناء في الله ، وبالثاني يحصل لك الاتّحاد مع الله تعالى بالمعنى الذي اصطلح عليه القوم فيهما وهو الخروج عن الوجود لغير الحق بأن يثبت الوجود له تعالى ، ويتحقق بحديث :
«كان الله ولا شيء معه». والآن كما كان ، وبقوله تعالى : (كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ)[القصص : ٨٨]. (كُلُّ مَنْ عَلَيْها فانٍ)[الرحمن : ٢٦] ، أو عن صفاته البشرية بأن يدخل في الصفات الحقيّة ، وهو مقام بي يسمع وبي يبصر هذا في الأول ، وهو الفناء والخروج عن إرادته لإرادة الله تعالى في الثاني وهو الاتحاد ، فمن صار وجوده وجود الله وإرادته إرادة الله فهو متحد مع الله في هاتين الصفتين لا في الذات ؛ لأن عينية الأشياء للحق من حيث ظهوره فيها وانصباغه بصبغها.
وأمّا من حيث الذات فالأشياء أشياء والله الله كما صرح به الشيخ قدسسره في «الفتوحات المكية».