__________________
ـ بعضها بالبعض حال الظهور بالتجلي الوجودي الوحداني المذكور ، ولما لم يكن الوجود ذاتيّا لسوى الحق سبحانه ؛ بل مستفاد من تجلّيه اقتضى العالم في بقائه إلى الإمداد الوجودي الأحدي مع الأنات دون فترة ولا انقطاع ؛ إذ لو انقطع الإمداد المذكور طرفة عين لفني العالم دفعة واحدة ، فإن الحكم العدمي أمر لازم للممكن ، والوجود عارض له من موجده فافهم لتفهم سر وحدة الوجود ، وهذا هو الأصل في كل موجود ، فإذا أشرق نور التجلّي الوحداني على القلب الوحداني توحّدت أحكام الأحديات ، واختفت آثار الكثرات فيها ، وشهد أن التجلّي هو التجلّي الذاتي والفيض فيض الأقدس دون المقدس ، وأن ما في العالم سواه ؛ بل هو المتجلى والمتجلّي له ، والتجلّي هذا هو : المعتمد والمعتني والمعوّل عليه وغير هذا الذوق لا تمل إليه ولا تحول لديه فافهم.
واشكر هذه النعم ؛ حيث جعلك الله ممن قرع سمعك أسرار الله المخبوءة في خلقه ، يخص الله بها من يشاء من عباده ، وأثبت لما يلقى.
قال تعالى : (إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلاً ثَقِيلاً)[المزمل : ٥].
فتبتّل إلى إصغائه وإذعانه تبتيلا جميلا ، وكن له من القابلين المؤمنين القائلين بها ولا تحرم التصديق بها فتحرم مخيرها ، وتجمع بين الحرمانين عدم الاتصاف وعدم الإيمان والإنصاف.
قال تعالى : (يَرْفَعِ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجاتٍ)[المجادلة ١١].
ورد في الحديث الصحيح : «إن من العلم كهيئة المكنون لا يعلمه إلا العلماء بالله فإذا نطقوا به لم ينكره إلا أهل الغرة بالله» ذكره الديلمي عن أبي هريرة رضي الله عنه وهو من العلم الذي يكون تحت النطق والبيان فما ظنك بما عندهم مما هو خارج عن حكم الدخول تحت النطق والبيان ، فما كل علم يدخل تحت السيارة وهو علوم الأذواق كلها ، فإذا رأيت فيك شعرة من قابلية قبول كلامهم ، فأبشر فإنك سعيد فإنهم قوم لا يشقى جليسهم فكيف من يجد في نفسه رائحة ذوقهم وبارقة فهم كلامه؟! وما ذلك إلا لمناسبة موجودة ، وأنت ما تدري كما قيل أن المناسبة علة الضم.
قال الشيخ الإمام خواجة عبد الله الأنصاري قدسسره : إن أول علامة القبول قبول كلامهم وعدم الإنكار عليهم.
وقال رضي الله عنه في «الفتوحات» : إذا حسن عندك كلامهم وقبلته ، وآمنت به فأبشر فإنك على كشف منه ضرورة ، وأنت لا تدري لا سبيل إلا هذا ؛ إذ لا يثلج الصدور إلا بما يقطع بصحته وليس للعقل هنا مدخل ؛ لأنه ليس من دركه إلا إن أتي بذلك معصوم حينئذ يثلج صدر العاقل ، وأمّا المعصوم فلا يلتذ بكلامه إلا صاحب ذوق.
فلهذا قال سيد الطائفة الجنيد قدسسره : «الإيمان بعلمنا ولاية».