.................................................................................................
______________________________________________________
قولنا : أكرم العلماء ولا يجب إكرام العلماء ولا تكرم الاصوليّين ، فإذا لوحظ تعارض جميعها وعولج تعارضها دفعة واحدة يجب تخصيص العامّ في الدليلين الأوّلين بالاصوليّين ، لكونه خاصّا ، وحمل الأمر في الأوّل منهما على الاستحباب ، لكون النفي في الثاني نصّا بالنسبة إلى ظهور الأمر في الوجوب ، فيكون المحصّل حينئذ استحباب إكرام من عدا الاصوليّين من العلماء ، بخلاف ما لو لوحظ الترتيب ، بأن يخصّص العامّ الأوّل بالاصوليّين أوّلا ، ثمّ نلاحظ النسبة بين هذا العامّ المخصّص وبين قولنا : لا يجب إكرام العلماء ، لانقلاب النسبة حينئذ إلى العموم والخصوص مطلقا ، فيجب تخصيص قولنا : لا يجب إكرام العلماء بقولنا : أكرم العلماء غير الاصوليّين ، فيختصّ عدم الوجوب حينئذ بالاصوليّين. ويكون المحصّل حينئذ وجوب إكرام من عدا الاصوليّين من العلماء ، ولا يجب إكرام الاصوليّين ، بل يحرم إكرامهم ، لظاهر النهي في قولنا : لا تكرم الاصوليّين ، لعدم المنافاة بين عدم الوجوب وثبوت الحرمة. وإنّما قلنا في تفسير الترتيب هنا بأن يخصّص العامّ الأوّل بالاصوليّين أوّلا ، إذ لو لوحظ التعارض بين العامّين أوّلا ، ويحمل الأمر في قولنا : أكرم العلماء ، على الاستحباب لأجل نصوصيّة النفي في العامّ الآخر ، ثمّ يخصّص بالاصوليين ، لا تبقى ثمرة لملاحظة الترتيب ، لكون المحصّل بعد ملاحظة التعارض دفعة أو ترتيبا بهذا المعنى هو استحباب إكرام من عدا الاصوليّين ، فيتخيّر بينهما حينئذ ، بخلاف الترتيب بالمعنى المتقدّم.
وأمّا وجود المرجّح للترتيب على الدفعة ، فإنّه في صورة علاج التعارض دفعة واحدة يلزم تخصيص العلماء بالاصوليّين وحمل الأمر على الاستحباب ، وفي صورة الترتيب يلزم تخصيص العلماء بالاصوليّين في قولنا : أكرم العلماء ، وتخصيص العلماء أيضا في قولنا : لا يجب إكرام العلماء بهذا العامّ المخصّص. والتخصيص الأوّل لازم على التقديرين ، فيدور الأمر حينئذ بين حمل الأمر على الاستحباب ، وتخصيص العلماء في قولنا : لا يجب إكرام العلماء ، والتخصيص أولى من سائر المجازات.