.................................................................................................
______________________________________________________
وفذلكة المقامات الثلاثة المتقدّمة بحيث تكون ضابطة في المقام : أنّه مع تعارض الأدلّة المنفصلة ، مع كون التعارض من جانب واحد ، وكون بعضها نصّا ، أنّ النسبة بين الأدلّة المتعارضة إن كانت نسبة واحدة عند علاج تعارضها دفعة واحدة أو مرتّبا ، ولم تنقلب إلى نسبة اخرى عند علاجها مرتّبا ، يثبت فيه التخيير. وإن انقلبت إلى نسبة اخرى عند علاجها مرتّبا ، بأن كانت نسبتها عند علاجها دفعة واحدة عموما وخصوصا مطلقا ، وانقلبت إلى نسبة اخرى عند علاجها مرتّبا ، فحينئذ إن كان للترتيب مرجّح فهو وإلّا تعيّنت الدفعة.
الثانية : تعارض الأدلّة من جانب واحد ، مع كون أحد الأدلّة ظاهرا والباقيين نصّين بالنسبة إليه ، وكون بعضها مردّدا بين كونه من المخصّصات المنفصلة أو المتّصلة كالاستثناء ، مثل قولنا : أكرم العلماء إلّا الفسّاق منهم ، ولا تكرم النحويّين.
وتحقيق المقام يبتنى على تحقيق الكلام في كون الاستثناء من المخصّصات المتّصلة أو المنفصلة؟ ونقل كلماتهم المومية إلى الخلاف في ذلك ، فنقول : إنّهم قد حكموا بعدم الضمان في العارية ، واستثنوا منه صورة اشتراط الضمان ، وصورة إعارة الذهب والفضّة ، ولكنّهم اختلفوا في أنّ الضمان هل يعمّ المسكوك من الجنسين وغيره كالحليّ المصوغة ، أو يختصّ بإعارة المسكوك ، أعني : الدرهم والدينار؟ وذهب المشهور إلى الثاني ، ومنهم فخر المحقّقين والسبزواري وصاحب الرياض ، وجماعة إلى الأوّل ، ومنهم المحقّق والشهيد الثانيان.
واختلافهم هذا ينشأ من اختلاف مشاربهم في فهم الأخبار ، لأنّ هنا أصنافا خمسة من الأخبار ، ففي بعضها نفي الضمان مطلقا ، مثل الصحيح : «ليس على المستعير عارية ضمان ، وصاحب العارية والوديعة مؤتمن». وفي آخر استثنى صورة الاشتراط ، وفي ثالث استثنى الذّهب والفضّة ، مثل الخبر في العارية : «ليس على مستعير ضمان إلّا ما كان من ذهب أو فضّة ، فإنّهما مضمونان اشترطا أو لم يشترطا». وفي رابع استثنى الدنانير ، مثل الصحيح : «لا يضمن العارية إلّا أن يكون