.................................................................................................
______________________________________________________
منطوق دليل آخر من قبيل تعارض الأصل مع الدليل ، فتعيّن صرف التأويل حينئذ إلى المفهوم لا محالة.
وأمّا الثاني ففي ترجيح المنطوق عليه إشكال ، لمنع أظهريّته بالنسبة إليه ، لأنّ قوّة دلالة قوله سبحانه : (فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍ) على حرمة قول الأفّ بالنسبة إلى دلالته على حرمة الضرب ممنوعة جدّا ، فلا وجه لصرف التأويل إلى مثل هذا المفهوم في موارد التعارض إن لم يكن العكس أرجح وأولى. بل يمكن منع إمكان التأويل في مثل هذا المفهوم مع بقاء منطوقه على حاله ، لثبوته عقلا ، والأحكام العقليّة لا تقبل التخصيص والتأويل. فمع القول بحرمة قول أفّ لا يمكن القول بجواز الضرب مطلقا أو في بعض الموارد ، مضافا إلى استهجانه عرفا.
نعم ، لو كان ثبوت الحكم في طرف المفهوم بسبب رجحان في الجملة بحيث لا يلحق بالمتساويين عقلا ، ولم يكن في رفع اليد عنه استهجان عرفي ، أمكن رفع اليد عنه مع بقاء المنطوق على حاله ، مثل ما ورد من كون الوقاع بالمعتدّة سببا للتحريم المؤبّد ، حيث تعدّوا عنها إلى ذات البعل بالأولويّة ، وعن اعتبار الظنّ في عدد الركعات إلى اعتباره في سائر الأجزاء والشرائط ، فتأمّل ومنها : كون أحد المتعارضين مؤكّدا ب «انّ» المؤكّدة أو القسم أو غيرهما ، وخلوّ الآخر منه ، فيصرف التأويل إلى الخالي منه ، لأنّ الكلام المؤكّد أقوى ظهورا من غيره ، فيصرف التأويل إلى غيره.
ومنها : ورود أحدهما في مقام الامتنان دون الآخر ، فيرجّح الأوّل عليه ، مثل ترجيح عموم قوله تعالى (*) : (ماءً طَهُوراً) على ما يعارضه من العمومات ، لكونه أقوى ظهورا ممّا لم يكن كذلك.
__________________
(*) هذا غفلة من المحشّي قدسسره ، فالآية المشار إليها هي الآية ٤٨ من سورة الفرقان ، وهي هكذا : (وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً طَهُوراً). ولعلّ مراده «قوله عليهالسلام» وقد سها قلمه الشريف ، ويكون إشارة إلى