في مسألة التوضّؤ بالماء المشتبه بالنجس ـ بعد كلام له في منع التكليف في العبادات إلّا بما ثبت من أجزائها وشرائطها ـ ما لفظه : نعم ، لو حصل يقين بالتكليف بأمر ولم يظهر معنى ذلك الأمر ، بل يكون متردّدا بين امور ، فلا يبعد القول بوجوب تلك الأمور جميعا حتّى يحصل اليقين بالبراءة (٤) انتهى. ولكنّ التأمّل في كلامه يعطي عدم ظهور (١٦٣٩) كلامه في الموافقة ؛ لأنّ الخطاب المجمل الواصل إلينا لا يكون مجملا للمخاطبين ، فتكليف المخاطبين بما هو مبيّن ، وأمّا نحن معاشر الغائبين فلم يثبت اليقين بل ولا الظنّ بتكليفنا بذلك الخطاب ، فمن كلّف به ، لا إجمال فيه عنده ، ومن عرض له الإجمال لا دليل على تكليفه بالواقع المردّد ، لأنّ اشتراك غير المخاطبين معهم فيما لم يتمكّنوا من العلم به عين الدعوى.
______________________________________________________
١٦٣٩. لأنّ مفروض كلامه هو الحكم بوجوب الاحتياط فيما كان الإجمال في خطاب الشارع ذاتيّا لا عرضيّا لبعض الامور الخارجة ، فهو إنّما يقول بوجوب الاحتياط في الأوّل ، وما ذكره المصنّف رحمهالله من وجوب الاحتياط فيه إنّما هو الثاني ، ولعلّه يقول بالتخيير فيه ، كما أشار المصنّف رحمهالله إلى وجهه.
فإن قلت : إنّ ما ذكره من الوجه غير وجيه ، لأنّ المحقّق الخوانساري يسلّم وجوب الاحتياط فيما كان الخطاب مجملا بالنسبة إلى المخاطبين ، ولا بدّ له أن يسلّم ذلك أيضا فيما عرض الإجمال للغائبين لبعض الامور الخارجة ، لأنّ الأحكام إنّما تختلف باختلاف موضوعاتها. فإذا فرض كون إجمال الخطاب سببا لوجوب الاحتياط في حقّ المشافهين ، فلا بدّ أن يكون سببا له في حقّ الغائبين أيضا ، وإن فرض كون الخطاب المفروض إجماله للغائبين مبيّنا للمشافهين ، لأنّ المناط في اشتراكهم في التكليف هو تحقّق موضوع ثبت له حكم للمشافهين عند الغائبين ، وإن لم يتحقّق هذا الموضوع للمشافهين أصلا ، كما إذا ثبت وجوب القصر للمسافر في حقّ المشافهين ، فمتى اتّصف أحد من الغائبين بعنوان هذا الموضوع وجب عليه القصر ، وإن لم تتّفق مسافرة أحد من المشافهين.