تفصيلا ، وإنّما الشكّ في تحقّقه بالأقلّ ، فمقتضى أصالة عدم (١٧٤٥) تحقّقه وبقاء الاشتغال : عدم الاكتفاء به ولزوم الإتيان بالأكثر.
ولا يجري هنا ما تقدّم من الدليل العقلي والنقلي الدالّ على البراءة ؛ لأنّ البيان الذي لا بدّ منه في التكليف قد وصل من الشارع ، فلا يقبح المؤاخذة على ترك ما بيّنه تفصيلا ، فإذا شكّ في تحقّقه في الخارج فالأصل عدمه. والعقل أيضا يحكم بوجوب القطع بإحراز ما علم وجوبه تفصيلا ، أعني المفهوم المعيّن المبيّن المأمور به ؛ ألا ترى أنّه لو شكّ في وجود باقي الأجزاء المعلومة ـ كأن لم يعلم أنّه أتى بها أم لا ـ كان مقتضى العقل والاستصحاب وجوب الإتيان بها؟
______________________________________________________
ومصداقه الوضوء والغسل الرافعين ، فإذا شكّ في جزئيّة شيء منهما حصل الشكّ في كون الفاقد له مصداقا له مع العلم إجمالا بكونه ـ أو الواجد له ـ مصداقا لهذا المفهوم المبيّن.
هذا ، ولقائل أن يقول : إنّ الغسل الرافع أو المبيح وإن كان مبيّن المفهوم ، إلّا أنّ الشكّ في مصداقه لأجل الشكّ في جزئيّة شيء له ـ كالوضوء المشكوك في بعض أجزائه ـ مرجعه إلى الشبهة الحكميّة دون الموضوعيّة ، لأنّ ميزان التمييز بين الشبهتين ـ على ما صرّح به المصنّف رحمهالله في غير المقام ـ كون المرجع في إزالة الشبهة هي الأدلّة الشرعيّة على الأولى ، والأمارات المقرّرة لبيان حكم الموضوعات المشتبهة على الثانية ، ولا ريب أنّه مع الشكّ في جزئيّة شيء للوضوء مثلا فالمرجع في إزالته هي الأدلّة دون الأمارات. نعم ، لو كان الشكّ في الإتيان ببعض أجزاء الوضوء بعد العلم باعتباره فيه كان من الشبهة في الموضوع الخارجي ، وإن وجب الاحتياط على التقديرين ، فتدبّر.
١٧٤٥. هذا مبنيّ على مذاق المشهور من الاعتداد بمثل هذه الاصول ، وإلّا فهو غير مجد في المقام. أمّا أوّلا : فلعدم جريانه ، لما أشار إليه المصنّف رحمهالله في المسائل السابقة من كون العلم بثبوت التكليف ، ثمّ الشكّ في الخروج من عهدته بالإتيان