قوله تعالى : (أَقِيمُوا الصَّلاةَ) إنّما هو في مقام بيان تأكيد (١٧٣٢) الأمر بالصلاة والمحافظة عليها ، نظير قوله : «من ترك الصلاة فهو كذا وكذا» و «أنّ صلاة فريضة خير من عشرين أو ألف حجّة» ، نظير تأكيد الطبيب على المريض في شرب الدواء ، إمّا قبل بيانه له حتّى يكون إشارة إلى ما يفصّله له حين العمل ، وإمّا بعد البيان له حتّى يكون إشارة إلى المعهود المبيّن له في غير هذا الخطاب. والأوامر الواردة بالعبادات فيه كالصلاة والصوم والحجّ كلّها على أحد الوجهين ، والغالب
______________________________________________________
من ورودها في مقام بيان الإطلاق ، بخلاف العبادات ، فإنّها بجميع أجزائها وشرائطها امور تعبّدية ، فالمطلقات الواردة فيها لا تصلح للإطلاق إلّا بعد بيان ما يتحقّق به صدق الإطلاق ، فالغالب فيها كون المطلق إشارة إلى ما فصّله سابقا أو يفصّله بعد.
١٧٣٢. يمكن أن يكون قوله تعالى : (أَقِيمُوا الصَّلاةَ) واردا لبيان التشريع. وكيف كان ، تؤيّد ورود هذه الإطلاقات في مقام التأكيد أو غيره من فوائد الكلام لا في مقام بيان الإطلاق امور ، منها : ورود الأمر بالصلاة والصوم والزكاة ونحوها في غير موضع من الكتاب ، لأنّه ليس إلّا للتأكيد.
ومنها : ورود تقييدات كثيرة عليها ، سيّما في الأزمنة المتأخّرة عن زمان صدورها بزمان معتدّ به ، إذ لو كان المراد بها بيان الإطلاق لا بدّ من بيان قيودها من أوّل الأمر وإلّا لزم الإغراء بالجهل. مضافا إلى عدم إمكان بيان جميع القيود في أوّل الأمر ، فتأمّل.
ومنها : ما روي عن الباقر عليهالسلام : «أنّ عمّار بن ياسر أتى رسول الله صلىاللهعليهوآله فقال : يا رسول الله أجنبت الليلة ولم يكن معي ماء. فقال : كيف صنعت؟ قال : طرحت ثيابي وقمت على الصعيد فتمعّكت فيه. فقال : هكذا يصنع الحمار ، إنّما قال الله عزوجل : (فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً) فضرب بيديه على الأرض ، ثمّ ضرب إحداهما على الاخرى ، ثمّ مسح جبينه ، ثمّ مسح كفّيه كلّ واحدة على الاخرى ، مسح