أنّه الغرض من المأمور به ، فإنّ تحصيل العلم بإتيان المأمور به لازم ، كما سيجيء في المسألة الرابعة.
فإن قلت : إنّ الأوامر الشرعيّة كلّها من هذا القبيل ؛ لابتنائها على مصالح في المأمور به ، فالمصلحة فيها إمّا من قبيل العنوان في المأمور به أو من قبيل الغرض. وبتقرير آخر (١٦٧٣) المشهور بين العدليّة أن الواجبات الشرعيّة إنّما وجبت لكونها ألطافا في الواجبات العقليّة ، فاللطف إمّا هو المأمور به حقيقة أو غرض للآمر ، فيجب تحصيل العلم بحصول اللطف ولا يحصل إلّا بإتيان كلّ ما شكّ في مدخليّته.
______________________________________________________
في الحقيقة ، بدعوى تقبيح العقلاء لمؤاخذة المولى لو عاقب العبد لأجل ترك الجزء المشكوك فيه في المقام الأوّل. وحيث كان طريق الإطاعة والمعصية موكولة إلى طريقة العقلاء في أوامرهم العرفيّة ، يثبت بذلك حصول الإطاعة بالإتيان بالأقلّ ، وإن كان المأمور به عند المولى هو الأكثر ، بخلاف ما لو كان الغرض من المأمور به تحصيل شيء آخر بحيث كان حصوله موقوفا على حصول جميع أجزاء المأمور به الواقعي ، لأنّ بنائهم على الاحتياط عند الشكّ في بعض أجزائه وشرائطه ، إنّما هو من جهة كون نفي جزئيّة المشكوك فيه أو شرطيّته منافيا للغرض المقصود من الأمر. وأوامر الطبيب من هذا القبيل ، وما نحن فيه من قبيل الأوّل ، ولذا قلنا بوجوب الاحتياط عند الشكّ في بعض أجزاء الطهارات الثلاث أو شرائطها ، كما أوضحناه عند شرح قوله : «فيرجع اعتبار ذلك القيد إلى إيجاب ذلك الأمر الخارجي» فراجع.
١٦٧٣. هذا تقرير للسؤال على طرز آخر لا يبتني على قول الإماميّة والمعتزلة بكون الأحكام الشرعيّة ناشئة من المصالح والمفاسد الكامنة. وقد سمعت من بعض مشايخي في تقريره : أنّ شكر المنعم وإطاعته سبحانه وتعظيمه واجب بحكم العقل ، والمحصّل لهذه العناوين هي الواجبات الشرعيّة ، فهي لطف فيها ، بمعنى كونها مقرّبة للعبد إليها لأجل كونها مقدّمة لحصولها ، بل هذه العناوين قائمة بها ، فهي