بين ظهور عموم التعليل في عدم جواز (*) العمل بخبر العادل الغير العلمي وظهور الجملة الشرطيّة أو الوصفيّة في ثبوت المفهوم ، فطرح المفهوم والحكم بخلوّ الجملة الشرطيّة عن المفهوم أولى من ارتكاب التخصيص في التعليل ، وإليه أشار في محكيّ العدّة بقوله : لا يمنع ترك دليل الخطاب لدليل ، والتعليل دليل.
______________________________________________________
العرفيّة معلوم غالبا ، إذ من الواضح أنّ قول القائل : إذا وصفت امرأة لك دواء فلا تشربه ، إنّما هو لأجل عدم الائتمان بقول المرأة لا لأجل خصوصيّة للمرأة في هذا الحكم ، والتعليل لزيادة التوضيح.
فإن قلت : إنّ ما نحن فيه أيضا كذلك ، لأنّ المنساق من الآية مع قطع النظر عن العلّة أنّ الغرض من الأمر بالتبيّن عن خبر الفاسق أيضا مجرّد احتمال تعمّده للكذب ، والتعليل لمجرّد التوضيح.
قلت : إنّا نمنع ذلك ، لاحتمال كون الغرض منه مع قطع النظر عن العلّة هو عدم الائتمان بخبر الفاسق ، لعدم الرادع له عن تعمّد الكذب ، وهذا الغرض منتف في خبر العادل.
وثانيا : أنّ النسبة بين عموم المفهوم والعلّة في المثال عموم من وجه ، ونحن لا نضايق عن كون عموم العلّة أظهر من عموم المفهوم فيخصّص به. والمقصود في المقام كون دلالة العلّة على العموم أظهر من ظهور الجملة الشرطيّة في أصل إرادة المفهوم ، ولا ريب أنّ التخصيص للمفهوم أهون من رفع اليد عن أصل المفهوم. ومن هنا يظهر وجه النظر في قوله : «وما نحن فيه من هذا القبيل». اللهمّ إلّا أن يقال : إنّ الدواء الموصوف المأمون عن ضرره خارج من المثال منطوقا ومفهوما ، كما أنّ الخبر العلمي خارج من الآية كذلك. ولا يخلو عن نظر ، لأنّ الأمر بالتبيّن عن الخبر العلمي مع قطع النظر عن العلّة أمر بتحصيل الحاصل ، بخلاف المثال ، فتدبّر.
ثمّ إنّه قد يمنع عموم العلّة في المقام ، لاحتمال كونها حكمة للحكم فلا يجب
__________________
(*) في بعض النسخ : بدل «عدم جواز» ، عدم وجوب.