وليس في ذلك منافاة لما هو الحقّ وعليه الأكثر من جواز تخصيص العامّ بمفهوم المخالفة ؛ لاختصاص ذلك أوّلا بالمخصّص المنفصل (٤٣٢) ، ولو سلّم جريانه في الكلام الواحد منعناه في العلّة (٤٣٣) والمعلول ؛ فإنّ الظاهر عند العرف أنّ المعلول يتبع العلّة في العموم والخصوص. فالعلّة تارة تخصّص مورد المعلول وإن كان عامّا بحسب اللفظ ، كما في قول القائل : «لا تأكل الرمّان ، لأنّه حامض» ، فيخصّصه بالأفراد الحامضة ، فيكون عدم التقييد في الرمّان لغلبة الحموضة فيه. وقد توجب
______________________________________________________
اطّرادها.
وفيه ما لا يخفى. أمّا أوّلا : فإنّ قوله تعالى (أَنْ تُصِيبُوا ...) قد حذف فيه المصدر المعلّل به الحكم ، مثل : مخافة أو كراهة أو ما يؤدّي مؤدّاهما ، وهو كالصريح في العلّية ، فلا يعدل عنه إلّا بدليل.
وأمّا ثانيا : فإنّ معنى عدم اطّراد الحكمة هو جواز تحقّق الحكم بدونها في بعض الموارد لا تحقّقها بدونه كذلك ، وحيث وجدت الحكمة في خبر العادل فلا بدّ من ثبوت الحكم فيه أيضا.
٤٣٢. لأنّه مع اتّصال الكلام لا يحصل له ظهور إلّا بعد الانتهاء إلى آخره ، كما صرّح به صاحب المعالم في غير المقام ، وإن أورد عليه المحقّق القمّي رحمهالله في محلّه بما لا يخفى ، فإذا اتّصلت العلّة بالجملة الشرطيّة فلا ظهور للتعليق بالشرط في إرادة المفهوم ما دام المتكلّم متشاغلا بالكلام ، وإذا حصل الفراغ عنه فعموم العلّة يمنع ظهوره فيها ، بخلاف ما لو انفصلت العلّة ، لحصول الظهور في إرادة المفهوم للتعليق بالشرط بالفراغ عن القضيّة المشروطة ، فإذا علّل الحكم المشروط في كلام آخر بعلّة عامّة لحكم المنطوق والمفهوم ، يتعارض ظهور التعليق بالشرط في إرادة المفهوم وظهور العلّة في إرادة العموم ، فيخصّص به عمومها ، لفرض كون المفهوم أخصّ منها.
٤٣٣. يعني : أنّ جواز تخصيص العامّ بمفهوم المخالفة إنّما هو لرجحان الخاصّ بالنوع وإن كان مفهوما ، وأظهريّته من العامّ كذلك وإن كان منطوقا ، و