بشرط مجيء الفاسق به ، كان المفهوم بحسب الدلالة العرفيّة أو العقليّة (٤٢٧) انتفاء الحكم المذكور في المنطوق عن الموضوع المذكور فيه عند انتفاء الشرط المذكور فيه ، ففرض مجيء العادل بنبإ عند عدم الشرط ـ وهو مجيء الفاسق بالنبإ ـ لا يوجب انتفاء التبيّن عن خبر العادل الذي جاء به ؛ لأنّه لم يكن مثبتا في المنطوق حتّى ينتفي في المفهوم ، فالمفهوم في الآية وأمثالها ليس قابلا لغير السالبة بانتفاء الموضوع ، وليس هنا قضيّة لفظيّة سالبة دار الأمر بين كون سلبها لسلب المحمول عن الموضوع الموجود أو لانتفاء الموضوع.
الثاني : ما أورده في محكيّ العدّة والذريعة والغنية ومجمع البيان والمعارج (٣٥) وغيرها من أنّا لو سلّمنا دلالة المفهوم على قبول خبر العادل الغير المفيد للعلم ، لكن نقول : إنّ مقتضى عموم التعليل وجوب التبيّن في كلّ خبر لا يؤمن الوقوع في الندم من العمل به وإن كان المخبر عادلا ، فيعارض المفهوم ، والترجيح مع ظهور (٤٢٨) التعليل.
لا يقال : إنّ النسبة بينهما وإن كان عموما من وجه (٤٢٩) ، فيتعارضان في
______________________________________________________
يستفاد من القضيّة على النحو الذي اشتملت عليه ، وقد عرفت أنّ الآية على كيفيّتها الخاصّة لا تفيد حجّية خبر العادل ، والله العالم.
٤٢٧. في الترديد إشارة إلى الخلاف في كون دلالة الكلام على المفهوم المخالف بحسب الوضع ، بأن كان الكلام المقيّد بالشرط أو غيره موضوعا للدلالة على الانتفاء عند الانتفاء ، بأن كان التقيّد داخلا في الموضوع له والقيد خارجا منه ، لئلّا يكون الدلالة على المفهوم بحسب المنطوق أو بحسب العقل. ويرشد إلى الأوّل تمسّكهم في إثبات المفهوم بفهم العرف ، وإلى الثاني تمسّكهم في إثباته بأنّه لو لا إرادة المفهوم كان التقييد لغوا.
٤٢٨. لأنّ المنطوق أقوى من المفهوم.
٤٢٩. لأنّ العلّة تقتضي عدم حجّية خبر الواحد الظنّي مطلقا ، سواء كان المخبر فاسقا أم عادلا ، والمفهوم يقتضي حجّية خبر العادل مطلقا ، سواء أفاد العلم أم لا ، فيتعارضان في خبر العادل الظنّي.