عدم وجوب التبيّن في خبر الفاسق لأجل عدمه يوجب حمل السالبة على المنتفية بانتفاء الموضوع ، وهو خلاف الظاهر. وجه الفساد : أنّ الحكم إذا ثبت لخبر الفاسق
______________________________________________________
إلى قولنا «إن لم يجئ خبر الفاسق» عار عن الفائدة ، إذ كما أنّ عدم مجيء خبر الفاسق أعمّ من عدم تحقّق خبر أصلا ومن تحقّق خبر وكان خبر العادل ، كذلك عدم مجيء الفاسق بخبر أعمّ منهما ، إذ مع عدم تحقّق خبر أصلا كما يصدق أنّ الفاسق لم يجئ بخبر كذلك مع مجيء العادل به.
وثانيها : أنّ الظاهر من قوله : «أنّ المطلوب داخل في المفهوم وإن لم يكن هو هو» إنّ عدم مجيء خبر الفاسق كلّي له فردان : أحدهما : عدم مجيء خبر أصلا ، والآخر : مجيء خبر العادل. وهو ضعيف في الغاية ، لوضوح عدم كون الثاني فردا للكلّي المذكور ، لعدم المناسبة والعلقة بينهما ، كما أنّ إعطاء زيد ليس فردا لعدم ضربه وإن صحّ سلبه عنه.
وثالثها : أنّ ما ذكره من حمل السالبة على كونها باعتبار انتفاء الموضوع يعطي تسليمه تأتّي احتمال ذلك في المقام ، سيّما بملاحظة جوابه بكونها مجازا. وهو بعيد من مثله ، إذ القضايا الإيجابيّة والسلبيّة والحقيقة والمجاز إنّما تستعمل في الألفاظ والمفاهيم من قبيل اللبيّات ، لكونها من لوازم التعليق بالشرط مثلا في المنطوق. فالأولى ما ذكره المصنّف رحمهالله من منع وجود المفهوم للشرط المذكور في الآية ، لا تسليمه ودعوى كونه من قبيل السلب باعتبار انتفاء الموضوع ، فضلا دعوى عن كون ذلك مجازا. وقد ظهر أنّ الآية باعتبار مفهومها الشرطيّ لا تنهض لإثبات حجّية خبر العادل.
نعم ، لو كانت الآية هكذا نزلت : إن كان المنبئ فاسقا فتبيّنوا ، دلّت باعتبار مفهوم الشرط على حجّية خبر العادل. ودعوى أنّ الآية مسوقة لبيان حال المنبئ ، وأنّ الأمر بالتبيّن إنّما هو لفسق المنبئ ، فهي في قوّة أن يقال : إنّ المنبئ إن كان فاسقا يجب التبيّن عن خبره ، فهو يدلّ على حجّية خبر العدل ، مندفعة بأنّ إمكان تحويل صورة قضيّة إلى أخرى لا يوجب كون مفاد الاولى مفاد الثانية ، إذ المعتبر ما