.................................................................................................
______________________________________________________
حينئذ يشترك العادل مع الفاسق في عدم جواز العمل بخبرهما قبل التبيّن ، ويختصّ الفاسق بكون التبيّن عند إخباره واجبا نفسيّا ، وهو لا يستلزم الأولويّة المذكورة ، بل مزيّة كاملة للعادل على الفاسق ، لأنّ الأمر بالتبيّن حينئذ عن خبر الفاسق دون العادل ، يحتمل أن يكون لمراعاة حال العادل إذ مع الفحص عن خبره ربّما يظهر كذبه فينهتك ستره بين الناس ، وتزول منزلته عن القلوب ، بل نفس التبيّن عن خبر العادل ربّما يستلزم نوع استخفاف له.
ولعلّ الأمر بالتأمّل إشارة إلى أنّ مراعاة الشارع لحال العادل وعدم رضاه باستخفافه وانحطاط رتبته عند الناس إنّما تتمّ مع عدم جواز التبيّن عن خبره ، لا مع عدم وجوبه المستلزم لجوازه ، بل في التوقّف في خبره قبل التبيّن نوع استخفاف له أيضا ، لأنّا إذا تبيّنا عن خبر الفاسق وظهر صدقه فعملنا به ، وتوقّفنا في خبر العادل ، لعدم التبيّن عنه ولو لأجل عدم وجوبه ، فهو يستلزم نوع استخفاف له لا محالة ، فإجلال العادل وإعظامه إنّما يتمّ مع قبول خبره من دون تبيّن لا مع التوقّف فيه.
تنبيه : اعلم أنّا إن قلنا بكون العدالة ملكة راسخة يتّجه القول بالواسطة حينئذ بين العادل والفاسق ، وربّما يعدّ منها مجهول الحال. وهو ضعيف ، لعدم خروجه عن أحد القبيلين في الواقع. نعم ، منها من بلغ ولم يصدر عنه ذنب بالنسبة إلى مقدار زمان لم تحصل له فيه الملكة القدسيّة. وكذلك الكافر إذا أسلم ولم يصدر عنه ذنب بالنسبة إلى الزمان المذكور.
وإن لم نقل بها ، بأن قلنا بكونها عبارة عن مجرّد ظهور الإسلام من دون ظهور فسق ، أو مجرّد حسن الظاهر ، فحينئذ تنتفي الواسطة بينهما لا محالة.
فعلى الأوّل فالآية تدلّ على حجّية خبر غير الفاسق ، سواء كان عادلا أم واسطة بينه وبين العادل ، فهي حينئذ لا تنهض لإثبات اشتراط العدالة في حجّية خبر الواحد ، لفرض حجّية خبر الواسطة. لكنّهم قد استدلّوا بها على اشتراط