أقول : الظاهر (٤١٩) أنّ أخذهم للمقدّمة الأخيرة ـ وهي أنّه إذا لم يجب التثبّت وجب القبول ؛ لأنّ الردّ مستلزم لكون العادل أسوأ حالا من الفاسق ـ مبنيّ على ما يتراءى من ظهور الأمر بالتبيّن في الوجوب النفسي ، فيكون هنا امور ثلاثة : الفحص عن الصدق والكذب ، والردّ من دون تبيّن ، والقبول كذلك. لكنّك خبير بأنّ الأمر بالتبيّن هنا مسوق لبيان الوجوب الشرطي ، وأنّ التبيّن شرط للعمل بخبر الفاسق دون العادل ، فالعمل بخبر العادل غير مشروط بالتبيّن ، فيتمّ المطلوب من دون ضمّ مقدّمة خارجيّة وهي كون العادل أسوأ حالا من الفاسق.
______________________________________________________
٤١٩. هذا توجيه لوجهي الاستدلال توطئة للاعتراض عليه. وتوضيحه : أنّ الأمر بالتبيّن في الآية الشريفة إن كان لأجل كون وجوبه نفسيّا ، بأن كان التبيّن والكشف عن حال المخبر عند إخبار الفاسق واجبا بنفسه كالصلاة عند دخول الوقت ، فحينئذ يتمّ ما أخذوه في تتميم وجهي الاستدلال ، من أنّه إذا لم يجب التبيّن عند إخبار العادل ، فإمّا يجب القبول وهو المطلوب ، أو الرّد وهو يستلزم كونه أسوأ حالا من الفاسق ، إذ لولاه لا يتمّ الاستدلال على وجهيه ، لأنّ هنا امورا ثلاثة : الفحص عن الصدق والكذب ، والردّ من دون تبيّن ، والقبول كذلك ، فإذا دلّت الآية بمفهومها الشرطي أو بحسب تعليق الحكم على الوصف المناسب للفحص على عدم وجوب التبيّن نفسا عند إخبار العادل ، فهو لا يدلّ على جواز قبول خبره من دون تبيّن ، لجواز ردّه كذلك ، فلا يتمّ الاستدلال إلّا بضميمة كون ردّه كذلك مستلزما لكونه أسوأ حالا من الفاسق. وإن كان لأجل كون وجوبه شرطيّا ، بأن كان المقصود بالأمر بالتبيّن بيان كونه شرطا في جواز العمل بخبر الفاسق ، فحينئذ يتمّ الاستدلال على وجهيه من دون ضمّ المقدّمة المذكورة ، إذ ليس حينئذ بعد نفي اشتراط العمل بخبر العادل بالتبيّن بمقتضى المفهوم شرطا أو وصفا إلّا قبول خبره من دون تبيّن.
وحيث استظهر المصنّف رحمهالله كون الأمر بالتبيّن شرطيّا بالوجوه التي ذكرها ،