.................................................................................................
______________________________________________________
وجوب التبيّن هو كون الجائي فاسقا ، فلو كان كون الخبر خبر واحد موجبا له لما صحّ ذلك انتهى».
ومنهم من تمسّك بمنطوق الآية ، بتقريب أنّ التبيّن هو استظهار حال الغير ، وظهوره كما يحصل بالعلم كذلك يحصل بالوثوق والظنّ الحاصل بخبر العدل ، بل الآية حينئذ تدلّ على اعتبار مطلق الظنّ حتّى مثل الشهرة.
ومنهم من تمسّك بمنطوقها أيضا ، نظرا إلى اقتضاء العلّة ـ أعني : قوله (أَنْ تُصِيبُوا) ـ ذلك ، لأنّ مقتضاها الأمر بالتبيّن عن خبر الفاسق لأجل كون العمل بخبره من دون تبيّن عن صدقه وكذبه مستلزما ـ ولو غالبا ـ لإصابة القوم بجهالة المستعقبة للندامة ، كمن سلك طريقا في ليلة مظلمة من دون معرفة بطرق البادية فضلّ عن الطريق ، فندم على فعله بعد اسفرار الصبح وانكشاف الظلمة ، كما أشار إليه بقوله : (فَتُصْبِحُوا) الآية ، إذ المراد بالعمل بخبره مع الجهالة هو العمل به من دون خبرة بحاله من حيث كونه صادقا أو كاذبا فيه ، بحيث لا يقدم عليه العقلاء في أمورهم ، لا مقابل العلم الشامل للوثوق والظنّ. ولا ريب أنّ العمل بخبر العادل ليس عملا بالخبر مع الجهالة على الوجه المذكور ، كيف والعقلاء يعتبرون خبره في امورهم ، ويعتنون بالظنّ الحاصل منه فيها ، فلا بدّ أن يكون خبره معتبرا بمقتضى العلّة.
وأمّا الأوّل والثاني فقد أشار إليهما المصنّف رحمهالله. وستقف على تفصيل الكلام فيهما. وأمّا الثالث فقد عرفت أنّه ممّا احتمله جمال العلماء ، وعزاه المحقّق الكاظمي إلى العلّامة في وجه الاستدلال بالآية ، لأنّه بعد أن ذكر في المقام ما لا يهمّنا نقله قال : «وكيف كان ، فمفهوم الشرط هاهنا غير مراد ، إذ الشرط إنّما هو مجيء الفاسق لا الفسق ، ولم يبق هنا إلّا تخصيص الفاسق بالذكر. ومن ثمّ ذهب جماعة منهم المصنّف رحمهالله إلى أنّ دلالتها على قبول خبر غير الفاسق من باب مفهوم الوصف ، كما في قوله : «في الغنم السائمة زكاة» وهو المسلك الثاني. والتحقيق أنّه مفهوم لقب ، إذ أقصى ما فيه تخصيص الفاسق بالذكر ، كما في قولك :