وأمّا الجواب عن الإجماع الذي ادّعاه السيّد والطبرسي قدس سرّهما : فبأنّه لم يتحقّق لنا هذا الإجماع ، والاعتماد على نقله تعويل على خبر الواحد ، مع معارضته بما سيجيء : من دعوى الشيخ ـ المعتضدة بدعوى جماعة اخرى ـ الإجماع على حجّية خبر الواحد في الجملة ، وتحقّق الشهرة على خلافها بين القدماء والمتأخّرين. وأمّا نسبة بعض العامّة ـ كالحاجبيّ والعضديّ ـ عدم الحجيّة إلى الرافضة ، فمستندة إلى ما رأوا من السيّد : من دعوى الإجماع بل ضرورة المذهب على كون خبر الواحد كالقياس عند الشيعة.
وأمّا المجوّزون فقد استدلّوا على حجّيته بالأدلّة الأربعة : أمّا الكتاب ، فقد ذكروا منه آيات ادّعوا دلالتها : منها قوله تعالى في سورة الحجرات (٤١٥): (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلى ما فَعَلْتُمْ نادِمِينَ) (٢٩). والمحكيّ في وجه الاستدلال بها (٤١٦)
______________________________________________________
٤١٥. عن قراءة الأكثرين (فَتَبَيَّنُوا) بالباء والنون. وعن حمزة والكسائي «تثبّتوا» من التثبّت ، وهو التوقّف إلى أن تتبيّن الحال.
٤١٦. لا يخفى أنّه ربّما يظهر من جماعة الاحتجاج بهذه الآية لعدم حجّية خبر العدل ، وسيأتي الكلام فيه عند بيان ما يتعلّق بما أورده المصنّف رحمهالله على الآية ممّا لا يمكن الذبّ عنه. وأمّا المتمسّكون بها لإثبات حجّية خبر العدل فلهم في ذلك طرق ، فمنهم من تمسّك بمفهوم الشرط ، ومنهم من تمسّك بمفهوم الوصف ، ومنهم من تمسّك بالعلّة المستفادة من تعليق الحكم بالوصف. وقد احتمل التمسّك بها جمال العلماء في حواشي العضدي حيث قال : «إنّ في الآية الكريمة مفهومين : أحدهما : مفهوم الشرط ، وثانيهما : مفهوم الفاسق. ومفهوم الشرط المختار اعتباره ، لكن اعتباره لا يفيد هاهنا ، إذ لا يفيد إلّا عدم وجوب التبيّن عند عدم المجيء ، وهو كذلك. وثانيهما : الفاسق. والظاهر أنّه من قبيل مفهوم اللقب ، كقوله «في الغنم زكاة». واعتباره ضعيف ، لأنّ بنائه على أنّ تخصيصه بالذكر يوهم أنّ غيره على خلافه ، وهو ضعيف كما سيجيء تحقيقه. ويمكن أن يقال : إنّه من قبيل ترتيب الحكم على الوصف المناسب للعلّية ، فيشعر بعليّته ، أي : بأنّ علّة