.................................................................................................
______________________________________________________
إن جاءك زيد بنبإ فتبيّنوا ، فيشعر بأنّ علّة وجوب التبيّن وصف مذكور بالفسق ، كما في إن جاءكم بنبإ فاسق.
المسلك الثالث ما سلكه العلّامة ، وهو التحقيق ، أنّ دلالتها على المطلب إنّما جاء من تعليق الحكم وترتيبه على الوصف المناسب للعليّة ، فيشعر بأنّ علّة وجوب التبيّن هو كون الجائي فاسقا ، وذلك يقتضي عدم وجوب التبيّن عند انتفاء الفسق ، لأنّ انتفاء علّة قاض بانتفاء معلولها وإلّا فلا علّية.
فإن قلت : أقصى ما يقتضي تعليق الحكم على الوصف المناسب الإشعار بكون هذا الوصف علّة لذلك الحكم ، أمّا إنّه لا علّة له سوى هذا الوصف فلا ، وإن شئت فانظر إلى قولك : أكرم العلماء ، فإنّه يشعر بكون العلم علّة للإكرام ، ولا يمنع من ثبوت علّة اخرى كالأدب والإحسان وغير ذلك.
قلت : يختلف ذلك بحسب المقام ، فربّ مقام يقتضي انحصار العلّة في الوصف المذكور ، وما نحن فيه من هذا القبيل ، وذلك لأنّ عادة الناس لمّا كانت جارية في قبول الأخبار في معاملاتهم وسياساتهم ومعاشراتهم ، ولم ينكر الله عليهم من ذلك إلّا قبول خبر الفاسق ، علم اختصاص الإنكار بذلك ، فإنّه لو كان هناك قسم آخر من الأخبار لا يجوز قبوله والتسارع إلى الأخذ به لأنكره» انتهى.
ووجه جعله الإشعار بالعلّية المستفادة من تعليق الحكم على الوصف مقابلا لمفهوم الوصف ، إنّما هو ما زعمه من كون مفهوم الوصف عبارة عمّا يستفاد من الوصف المعتمد على موصوف دون الوصف المجرّد ، وإلّا كان من قبيل مفهوم اللقب ، كما صرّح في مبحث مفهوم الوصف ، ويستفاد من العلّامة أيضا في ذلك المبحث.
هذا ، ويرد عليه أوّلا : ـ على تقدير تسليم ما ذكره من الفرق ـ منع صلاحيّة الإشعار لإثبات الأحكام الشرعيّة وإن قلنا بصلاحيّته للترجيح في مقام التعارض.
وثانيا : منع بناء الناس على العمل بأخبار الآحاد مطلقا في امورهم ، إذ القدر المتيقّن منه عملهم بالأخبار التي تسكن إليها النفس ويحصل الوثوق بصدق المخبر