ومنها : ما ورد في تعارض الروايتين من ردّ ما لا يوجد في الكتاب والسنّة إلى الأئمّة عليهمالسلام مثل ما رواه في العيون عن ابن الوليد عن سعد بن عبد الله عن محمّد بن عبد الله المسمعي عن الميثميّ ، وفيها : «فما ورد عليكم من خبرين مختلفين فاعرضوهما على كتاب الله» ـ إلى أن قال : ـ «وما لم يكن في الكتاب فاعرضوهما على سنن رسول الله صلىاللهعليهوآله» ـ إلى أن قال : ـ «وما لم تجدوه في شيء من هذه فردّوا إلينا علمه ، فنحن أولى بذلك ...» (٢٧). والحاصل : أنّ القرائن الدالّة على أنّ المراد بمخالفة الكتاب ليس مجرّد مخالفة عمومه أو إطلاقه كثيرة ، تظهر لمن له أدنى تتبّع.
ومن هنا يظهر ضعف التأمّل في تخصيص الكتاب بخبر الواحد لتلك الأخبار ، بل منعه لأجلها كما عن الشيخ في العدّة. أو لما ذكره المحقّق من أنّ الدليل على وجوب العمل بخبر الواحد الإجماع على استعماله فيما لا يوجد فيه دلالة ، ومع الدلالة القرآنيّة يسقط وجوب العمل به (٢٨).
وثانيا : إنّا نتكلّم في الأحكام التي لم يرد فيها عموم من القرآن والسّنة ، ككثير من أحكام المعاملات بل العبادات التي لم ترد فيها إلّا آيات مجملة أو مطلقة (٤٠٨) من الكتاب ؛ إذ لو سلّمنا أنّ تخصيص العموم يعدّ مخالفة ، أمّا تقييد المطلق فلا يعدّ في
______________________________________________________
«سألته عن مسألة فأجابني ، ثمّ جاء رجل فسأله عنها فأجابه بخلاف ما أجابني ، ثمّ جاء آخر فأجابه بخلاف ما أجابني وأجاب صاحبي ، فلمّا خرج الرجلان قلت : يا بن رسول الله رجلان من أهل العراق من شيعتكم يسألان فأجبت كلّ واحد منهما بغير ما أجبت به صاحبه. فقال : يا زرارة إنّ هذا خير لنا وأبقى لنا ولكم ، ولو اجتمعتم على أمر واحد لصدّقكم الناس علينا ، ولكان أقلّ لبقائنا وبقائكم. ثمّ قال : قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : شيعتكم لو حملتموهم على الأسنّة وعلى النار لمضوا وهم يخرجون من عندكم مختلفين. قال : فأجابني مثل جواب أبيه». وفي معناه أخبار أخر.
٤٠٨. مثل قوله تعالى : (أَقِيمُوا الصَّلاةَ) وقوله سبحانه : (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ) وقوله عزوجل : (ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيامَ إِلَى اللَّيْلِ). والترديد مبنيّ على الخلاف في كون أسامي العبارات موضوعة للصحيحة أو للأعمّ.