لعمومات الكتاب والسنّة النبويّة مخالفة للكتاب والسنّة ، غاية الأمر ثبوت الأخذ بها مع مخالفتها لكتاب الله وسنّة نبيّه صلىاللهعليهوآله ، فتخرج عن عموم أخبار العرض ، مع أنّ الناظر في أخبار العرض على الكتاب والسنّة يقطع بأنّها تأبى عن التخصيص. وكيف يرتكب التخصيص في قوله عليهالسلام : «كلّ حديث لا يوافق كتاب الله فهو زخرف» وقوله عليهالسلام : «ما أتاكم من حديث لا يوافق كتاب الله فهو باطل» ، وقوله عليهالسلام : «لا تقبلوا علينا خلاف القرآن ؛ فإنّا إن حدّثنا حدّثنا بموافقة القرآن وموافقة السنّة» ، وقد صحّ عن النبيّ صلىاللهعليهوآله أنّه قال : «ما خالف كتاب الله فليس من حديثي ، أو لم أقله» ، مع أنّ أكثر عمومات الكتاب قد خصّص بقول النبيّ صلىاللهعليهوآله؟
وممّا يدلّ على أنّ المخالفة لتلك العمومات لا تعدّ مخالفة : ما دلّ من الأخبار على بيان حكم ما لا يوجد حكمه في الكتاب والسنّة النبويّة ، إذ بناء على تلك العمومات لا يوجد واقعة لا يوجد حكمها فيهما ، فمن تلك الأخبار : ما عن البصائر والاحتجاج وغيرهما مرسلا عن رسول الله صلىاللهعليهوآله أنّه قال : «ما وجدتم في كتاب الله فالعمل به لازم ولا عذر لكم في تركه ، وما لم يكن في كتاب الله تعالى وكانت فيه سنّة منّي فلا عذر لكم في ترك سنّتي ، وما لم يكن فيه سنّة منّي ، فما قال أصحابي فقولوا به ، فإنّما مثل أصحابي فيكم كمثل النجوم ، بأيّها اخذ اهتدي ، وبأيّ أقاويل أصحابي أخذتم اهتديتم ، واختلاف أصحابي رحمة لكم (٤٠٧) ، قيل : يا رسول الله ، ومن أصحابك؟ قال : أهل بيتي ... الخبر» (٢٦). فإنّه صريح في أنّه قد يرد من الأئمّة عليهمالسلام ما لا يوجد في الكتاب والسنّة.
______________________________________________________
سيّما على المختار من كون اعتبارها من باب عدم بيان القيد ، مضافا إلى ورودها في مقام بيان حكم آخر ، أعني : التشريع. وإمّا لأجل ورود مخصّصات كثيرة عليها حتّى أوهنت ظهورها في العموم.
٤٠٧. عن الصدوق في بيانه «أنّ أهل البيت لا يختلفون ، ولكن يفتون الشيعة بمرّ الحقّ ، وربّما أفتوهم بالتقيّة ، فما يختلف من قولهم فهو للتقيّة ، والتقيّة رحمة للشيعة» انتهى. ويؤكّده أخبار ، منها ما في الكافي عن زرارة عن الباقر عليهالسلام قال :