وأمّا ما يتراءى من التمسّك بها أحيانا لبعض العقائد ؛ فلاعتضاد مدلولها بتعدّد الظواهر وغيرها من القرائن ، وإفادة كلّ منها الظنّ ، فيحصل من المجموع القطع بالمسألة ، وليس استنادهم في تلك المسألة إلى مجرّد أصالة الحقيقة التي قد لا تفيد الظنّ بإرادة الظاهر فضلا عن العلم. ثمّ ، إنّ الفرق بين القسمين (١٠٠٣) المذكورين وتمييز ما يجب تحصيل العلم به عمّا لا يجب في غاية الإشكال.
وقد ذكر العلّامة قدسسره في الباب الحادي عشر ـ فيما يجب معرفته على كلّ مكلّف من تفاصيل التوحيد والنبوّة والإمامة والمعاد ـ امورا لا دليل على وجوبها كذلك ، مدّعيا أنّ الجاهل بها عن نظر واستدلال خارج عن ربقة الإيمان مستحقّ للعذاب الدائم ، وهو في غاية الإشكال.
______________________________________________________
وبالجملة ، إنّه لا يبعد في مثله أن يكون وجوب التديّن من حيث هو من آثار الواقع ، وفعليّته من آثار الاعتقاد. ومع التسليم نقول : إنّ كون وجوب التديّن من آثار الاعتقاد دون الواقع إنّما يفيد عدم اعتبار الظنّ في إثباته إذا كان الاعتقاد جزء موضوع لوجوب التديّن من باب الصفة الخاصّة لا من باب الكشف عن متعلّقه ، وإلّا فلا ريب في صحّة قيام الظنّ حينئذ مقام العلم بعموم أدلّته ، كما تقدّم عند بيان حجّية القطع ، وكون اعتباره من باب الصفة الخاصّة لا يخلو من تأمّل أو منع. فالأولى في وجه منع اعتبار الظنّ في المقام ما قدّمناه في الحاشية السابقة.
١٠٠٣. المرجع عند الشكّ هي أصالة البراءة ، لكون مرجع الشبهة إلى الشكّ في التكليف ، لأنّ مرجعها إلى الشكّ في أنّ الواجب هو تحصيل الاعتقاد ليترتّب عليه وجوب التديّن ، أو وجوب التديّن مرتّب على حصول الاعتقاد ولو من باب الاتّفاق.
ثمّ ظاهر المصنّف رحمهالله حيث تمسّك في إثبات ما نقله عن العلّامة بالعمومات هو كون دليل اعتبار الظنّ في التمييز بين القسمين هو عموم أدلّته. وأنت خبير بإمكان منع شمول أدلّته للمقام ، لأنّ المتيقّن منها ـ كما أوضحناه عند شرح قوله : «كان الأقوى القول ...» ـ هو الفروع أو هي مع الاصول العمليّة ، ولا ريب أنّ