وأمّا في مقام تطبيق العمل الخارجي على ذلك المعيّن ، فلا دليل على الاكتفاء (٩٩٤) فيه بالظنّ ، مثلا : إذا شككنا في وجوب الجمعة أو الظهر جاز لنا تعيين الواجب الواقعي بالظنّ ، فلو ظنّنا وجوب الجمعة فلا نعاقب على تقدير وجوب الظهر واقعا ، لكن لا يلزم من ذلك حجّية الظنّ في مقام العمل على طبق ذلك الظنّ ، فإذا ظننّا بعد مضيّ مقدار من الوقت بأنّا قد أتينا بالجمعة في هذا اليوم لكن احتمل نسيانها ، فلا يكفي الظنّ بالامتثال من هذه الجهة ، بمعنى أنّه إذا لم نأت بها في الواقع ونسيناها قام الظنّ بالإتيان مقام العلم به ، بل يجب بحكم الأصل وجوب الاتيان بها. وكذلك لو ظننّا بدخول الوقت وأتينا بالجمعة فلا يقتصر على هذا الظنّ بمعنى عدم العقاب على تقدير مخالفة الظنّ للواقع بإتيان الجمعة قبل الزوال.
وبالجملة : إذا ظنّ المكلّف بالامتثال وبراءة ذمّته وسقوط الواقع ، فهذا الظنّ إن كان مستندا إلى الظنّ في تعيين الحكم الشرعيّ كان المكلّف فيه معذورا مأجورا على تقدير المخالفة للواقع ، وإن كان مستندا إلى الظنّ بكون الواقع في الخارج منه منطبقا على الحكم الشرعيّ فليس معذورا ، بل يعاقب على ترك الواقع أو ترك الرجوع إلى القواعد الظاهريّة التي هي المعوّل لغير العالم.
وممّا ذكرنا تبيّن أنّ الظنّ بالامور الخارجيّة عند فقد العلم بانطباقها على
______________________________________________________
٩٩٤. لأنّ العمل بالظنّ حيث كان على خلاف الأصل فالعقل إنّما يعذّر المكلّف في العمل به من حيث احتمال الخطأ فيه ، وعدم إصابته للواقع فيما انسدّ فيه باب العلم ، ولم يجب فيه الاحتياط ، ولم يجز الرجوع فيه إلى الاصول ، لا فيما كان خارجا من مورد الانسداد ، وجاز فيه الرجوع إلى الاصول ، إذ الوصول إلى الواقع بقدر الإمكان مطلوب عند العقل. وإذا فرض معذوريّة المكلّف في ذلك من حيث تعيين الأحكام الواقعيّة بالظنّ لأجل الانسداد ، وعدم وجوب الاحتياط ، وعدم جواز الرجوع إلى الاصول ، لا يلزم منه كونه معذورا أيضا من حيث تطبيق العمل الخارج للحكم المظنون على سبيل الظنّ ، إذا فرض إمكان تحصيل العلم من هذه الحيثيّة أو الرجوع فيها إلى الاصول الشرعيّة.