سلّمنا الشهرة ، لكنّه لأجل بناء المشهور على الظنون الخاصّة كأخبار الآحاد والإجماع المنقول ، وحيث إنّ المتّبع فيها الأدلّة الخاصّة ، وكانت أدلّتها كالإجماع والسيرة على حجّية أخبار الآحاد مختصّة بالمسائل الفرعيّة ، بقيت المسائل الاصوليّة تحت أصالة حرمة العمل بالظنّ ، ولم يعلم بل ولم يظنّ (٩٩٣) من مذهبهم الفرق بين الفروع والاصول بناء على مقدّمات الانسداد واقتضاء العقل كفاية الخروج الظني عن عهدة التكاليف الواقعيّة. وثالثا : سلّمنا قيام الشهرة والإجماع المنقول على عدم الحجّية على تقدير الانسداد ، لكنّ المسألة ـ أعني كون مقتضى الانسداد هو العمل بالظنّ مطلقا في الفروع (*) دون الاصول ـ عقليّة ، والشهرة ونقل الإجماع إنّما يفيدان الظنّ في المسائل التوقيفيّة دون العقليّة. ورابعا : أنّ حصول الظنّ بعدم الحجّية مع تسليم دلالة دليل الانسداد على الحجّية لا يجتمعان ، فتسليم دليل الانسداد يمنع من حصول الظنّ. وخامسا : سلّمنا حصول الظنّ ، لكنّ غاية الأمر دخول المسألة فيما تقدّم من قيام الظنّ على عدم حجّية ظنّ ، وقد عرفت أنّ المرجع فيه إلى متابعة الظنّ الأقوى ، فراجع.
الأمر الرابع :
أنّ الثابت بمقدّمات دليل الانسداد هو الاكتفاء بالظنّ في الخروج عن عهدة الأحكام المنسدّ فيها باب العلم ، بمعنى أنّ المظنون إذا خالف حكم الله الواقعي لم يعاقب (**) بل يثاب عليه ، فالظنّ بالامتثال إنّما يكفي في مقام تعيين الحكم الشرعيّ الممتثل.
______________________________________________________
٩٩٣. إذ الفرق بينهما مبنيّ على كون حكمهم بعدم حجّية الظنّ في الاصول من باب الخصوصيّة. وأمّا على تقدير كونه لأجل أصالة حرمة العمل بالظنّ ، فلا ريب في دخول الظنّ بالمسائل الاصوليّة تحت نتيجة دليل الانسداد ، إذ موضوعها كلّ ظنّ لم يقم على اعتباره دليل خاصّ ، وحينئذ لا يثبت الفرق بين مسائل الاصول والفروع في اعتبار الظنّ في كلّ منهما بمقتضى دليل الانسداد.
__________________
(*) في بعض النسخ : بدل «في الفروع» ، أو في خصوص الفروع.
(**) في بعض النسخ زيادة : عليه.