بوجود شهرات متعدّدة مقيّدة لإطلاقات (*) الأخبار أو مخصّصة لعموماتها لا يوجب التعدّي إلى الشهرات الغير المزاحمة للأخبار بتقييد أو تخصيص ، فضلا عن التسرّي إلى الاستقراء والأولويّة. ودعوى الإجماع لا يخفى ما فيها ؛ لأنّ الحكم بالحجّية في القسم الأوّل لعلّة غير مطّردة في القسم الثاني حكم عقليّ نعلم بعدم تعرّض الإمام عليهالسلام له قولا ولا فعلا إلّا من باب تقرير حكم العقل ، والمفروض عدم جريان حكم العقل في غير مورد العلّة وهي وجود العلم الإجمالي.
ومن ذلك يعرف الكلام في دعوى الأولويّة ؛ فإنّ المناط في العمل بالقسم الأوّل إذا كان هو العلم الإجمالي ، فكيف يتعدّى إلى ما لا يوجد فيه المناط فضلا عن كونه أولى؟ وكأنّ متوهّم الإجماع رأى أنّ أحدا من العلماء لم يفرّق بين أفراد الخبر الحسن أو أفراد الشهرة ، ولم يعلم أنّ الوجه عندهم ثبوت الدليل عليهما مطلقا أو نفيه كذلك ؛ لأنّهم أهل الظنون الخاصّة ، بل لو ادّعى الإجماع على أنّ كلّ من عمل بجملة من الأخبار الحسان أو الشهرات لأجل العلم الإجمالي بمطابقة بعضها للواقع لم يعمل بالباقي الخالي عن هذا العلم الإجمالي ، كان في محلّه.
الثالث من طرق التعميم : ما ذكره بعض مشايخنا (٩٢٠) طاب ثراه من قاعدة الاشتغال ؛ بناء على أنّ الثابت من دليل الانسداد وجوب العمل بالظنّ في الجملة ،
______________________________________________________
٩٢٠. هو شريف العلماء رحمهالله. ونقول في تقرير التعميم : إنّه بعد ما ثبت وجوب العمل بالظنّ في الجملة فمقتضى قاعدة الاشتغال وجوب العمل بالجميع ، لأنّ الشغل اليقيني يقتضي البراءة اليقينيّة ، ومع العمل بالبعض لا يحصل العلم بالفراغ.
وقد أجيب عنه بوجوه :
أحدها : أنّ العمل بجميع الظنون من باب الاحتياط يدفعه ما دلّ على حرمة العمل بالظنّ من الآيات والأخبار.
__________________
(*) في جميع النسخ : بدل «لإطلاقات» ، لإطلاق.