ثمّ بعد ما عرفت من عدم استقامة تعيين القضيّة المهملة بمطلق الظنّ ، فاعلم أنّه قد يصحّ تعيينها بالظنّ في مواضع : أحدها : أن يكون الظنّ القائم على حجّية (٩١١) بعض الظنون من المتيقّن اعتباره بعد الانسداد ، إمّا مطلقا كما إذا قام فرد من الخبر الصحيح المتيقّن اعتباره من بين سائر الأخبار وسائر الأمارات على حجّية بعض ما دونه ، فإنّه يصير حينئذ متيقّن الاعتبار ؛ لأجل قيام الظنّ المتيقّن الاعتبار على اعتباره. وإمّا بالإضافة إلى ما قام (٩١٢) على اعتباره إذا ثبت حجّية ذلك الظنّ القائم ، كما لو قام الإجماع المنقول على حجّية الاستقراء مثلا ؛ فإنّه يصير بعد إثبات حجّية الإجماع المنقول ببعض الوجوه ظنّا معتبرا.
ويلحق به ما هو متيقّن بالنسبة إليه كالشهرة إذا كانت متيقّنة الاعتبار بالنسبة إلى الاستقراء بحيث لا يحتمل اعتباره دونها. لكن ، هذا مبنيّ على عدم الفرق في حجّية الظنّ بين كونه في المسائل الفروعيّة وكونه في المسائل الاصوليّة ؛ وإلّا فلو
______________________________________________________
بالظنّ في الاصول.
٩١١. حاصل ما ذكره : أنّ المتيقّن من نتيجة دليل الانسداد على القول بالكشف على قسمين ، قسم : متيقّن حقيقي ، وهو ما كان اعتباره وعدم اعتبار غيره من الأمارات محتملا من دون عكس. وقسم : متيقّن إضافي ، وهو ما كان اعتباره متيقّنا بالإضافة إلى الأمارة التي أثبت اعتبارها دليل معتبر. واعتبار المضاف إليه تارة يثبت بالظنّ الخاصّ ، كما هو ظاهر قوله : «إذا ثبت حجّية ذلك الظنّ القائم». واخرى بالمتيقّن الحقيقي من نتيجة دليل الانسداد ، وإن لم يعلم كونه من الظنون الخاصّة. ولم يظهر وجه لتخصيص المصنّف رحمهالله للمتيقّن الإضافي بالأوّل.
ثمّ إنّ تعيين النتيجة المهملة بالمتيقّن الحقيقي أو الإضافي ينافي ما تقدّم من المصنّف رحمهالله عند الاعتراض على من فرّق بين المعيّن والمرجّح ، من كون المتيقّن متيقّنا من حيث الخصوص لا من حيث كونه متيقّنا من نتيجة دليل الانسداد ، ولكنّه رحمهالله قد تأمّل فيه ، وبيّنا أوجه التأمّل أيضا هناك ، فراجع.
٩١٢. يعني : بالإضافة إلى أمارة قام الظنّ الخاصّ على اعتبارها.