.................................................................................................
______________________________________________________
العقل ، بل عند الشارع أيضا. وإن اريد منها مرتبة خاصّة فهي غير متعيّنة. اللهمّ إلّا أن يريد مرتبة الاطمئنان ، ولكنّها وإن كانت منضبطة ومعيّنة إلّا أنّها غير وافية بإتمام الفقه ، إذ لا بدّ حينئذ من طرح أكثر الأخبار التي لا يفيد الاطمئنان بالواقع وإن كان موثوقا بالصدور مع علمنا بمطابقة كثير منها للواقع.
والإنصاف أنّ دعوى قلّة وجود الأمارات المفيدة للظنّ الاطمئناني وعدم كفايتها في الفقه لا تخلو من نظر ، لأنّ المراد بالظنّ الاطمئناني ليس هو الظنّ بنفس الحكم الواقعي ، لندرته في الأحكام ، إذ الشهرة والإجماع المنقول وظاهر الإجماع ونحوها ممّا يفيد الظنّ المتاخم للعلم قليلة جدّا ، والعمدة في ذلك هي الأخبار ، والعمل بها موقوف على إعمال الاصول التعبّدية في المتن والسند ووجه الصدور ، لاحتمال الزيادة والنقصان والتحريف واختفاء القرائن في المتن ، واحتمال الإرسال والتعليق والتدرّج ونحوها من الاحتمالات الموهنة للظنّ في السند ، واحتمال التقيّة في وجه الصدور. ولا ريب أنّ هذه الاحتمالات لا تندفع إلّا باصول تعبّدية ، ومع ملاحظتها كيف يحصل الظنّ الاطمئناني بالحكم الواقعي؟
فلا يمكن أن يكون المقصود من إعمال دليل الانسداد إثبات اعتبار الظنّ بالحكم الواقعي مطلقا ، بل المقصود منه إثبات اعتبار الظنّ من الجهة التي وقع الشكّ في اعتباره من هذه الجهة. وهي مختلفة بحسب الأمارات ، وذلك لأنّ الشكّ في اعتبار الشهرة والإجماع المنقول وظاهر الإجماع ونحوها ليس من جهة احتمال الكذب أو التقيّة في قول العلماء : رأيي كذا ، ولا من جهة احتمال إرادة خلاف الظاهر في كلامهم ، بل من جهة احتمال تخلّف الظنّ الحاصل من اجتماع فتاوى معظم العلماء بالحكم الواقعي عن الواقع. فالمقصود من إعمال دليل الانسداد إثبات اعتبار هذا الظنّ.
وكذلك الشكّ في اعتبار الأخبار ليس من جهة الدلالة أو التقيّة في الصدور أو احتمال السقط والتحريف في المتن أو نحو ذلك ، لانتفاء احتمال جميع ذلك بالاصول المجمع عليها ، بل من جهة الشكّ في صدور الخبر عن الإمام عليهالسلام لأجل