إلّا إذا كان اختلافهم راجعا إلى التعيين على وجه ينبئ عن اتّفاقهم على قدر مشترك ، نظير الأخبار المختلفة في الوقائع المختلفة ؛ فإنّها لا توجب تواتر القدر المشترك إلّا إذا علم من أخبارهم كون الاختلاف راجعا إلى التعيين ، وقد حقّق ذلك في باب التواتر الإجمالي والإجماع المركّب. وربّما يجعل تحقّق الإجماع على المنع عن العمل بالقياس وشبهه ولو مع انسداد باب العلم كاشفا عن أنّ المرجع إنّما هو طريق خاصّ.
وينتقض أوّلا بأنّه مستلزم لكون المرجع (٨١٥) في تعيين الطريق أيضا طريقا
______________________________________________________
اشترط في المتواتر المعنوي من اعتبار كون المخبرين بصدد الإخبار عن القدر الجامع ، لأنّه إذا أخبر ألف نفر كلّ واحد منهم عن قضيّة خاصّة ، بأن قال أحدهم : إنّ عليّا عليهالسلام فعل في الوقعة الفلانة كذا ، وأخبر آخر بأنّه فعل في الوقعة الفلانة كذا ، وهكذا ، فتواتر شجاعته إنّما يلزم لو كانوا في إخبارهم عن هذه الوقائع بصدد الإخبار عن شجاعته أيضا ، بخلاف ما لو كانوا بصدد الإخبار عن خصوص القضيّة من دون قصد إلى الإخبار عن لازمها الذي هي الشجاعة.
٨١٥. ولم يعترف الخصم بذلك ، بل اعترف بخلافه. ووجه الاستلزام واضح ، لأنّ المنع من العمل بالقياس في تعيين الأحكام الواقعيّة إذا استلزم أن تكون هنا طرق مخصوصة في تعيينها ، فكذلك النهي عن العمل به في تعيين هذه الطرق يكشف أن يكون هنا طريق مخصوص في تعيينها أيضا ، بل وكذا إذا اشتبه هذا
__________________
يستلزمهما. هذا بخلاف ما نحن فيه ، لأنّ كلّ واحد من العلماء إذا أخبر عن جعل طائفة خاصّة من الأمارات حجّة ، فصدق واحد منهم وعدم خطائه فيه يكشف عن جعل طائفة منها في الواقع ، وإن لم يكونوا في صدد الإخبار عن التعيين.
وأمّا الثاني ، فإنّه إنّما يتمّ فيما كان إخبار الجماعة مستلزما للعلم بوقوع بعض الوقائع المخبر عنها ، مع عدم استلزامه لإحدى الصفتين على ما عرفت. وأمّا إذا استلزم وقوع جملة منها ، وهي مستلزمة لإحدى الصفتين ، فلا وجه حينئذ لاشتراط رجوع إخبارهم إلى الإخبار عن التعيين ، فإنّا إذا فرضنا إخبار ألف رجل عن جود حاتم وفي القضايا المختلفة ، بحيث علمنا إجمالا بسبب إخبارهم بصدق خمسين رجل منهم مثلا ، فهو مستلزم للعلم بسخاوة حاتم لا محالة ، وإن لم يرجع إخبارهم إلى الإخبار عن التعيين ، وهو واضح. منه دام ظلّه العالي».