خاصّا ؛ للإجماع على المنع عن العمل فيه بالقياس. ويحلّ ثانيا : بأنّ مرجع هذا إلى الإشكال (٨١٦) الآتي في خروج القياس عن مقتضى دليل الانسداد ، فيدفع بأحد الوجوه الآتية. فإن قلت : ثبوت الطريق إجمالا ممّا لا مجال لإنكاره حتّى على مذهب من يقول بالظنّ المطلق ؛ فإنّ غاية الأمر أنّه يجعل مطلق الظنّ طريقا عقليّا رضي به الشارع ، فنصب الشارع للطريق بالمعنى الأعمّ من الجعل والتقرير معلوم. قلت : هذه مغالطة ؛ فإنّ مطلق الظنّ ليس طريقا في عرض (٨١٧) الطرق المجعولة حتّى يتردّد الأمر بين كون الطريق هو مطلق الظنّ أو طريق آخر مجعول ، بل الطريق العقلي
______________________________________________________
الطريق لا بدّ في تعيينه من طريق آخر ، وهكذا.
٨١٦. لأنّ مرجعه إلى أنّه لو لم تكن هنا طرق مجعولة لامتثال الأحكام الواقعيّة ، وجاز العمل بمطلق الظنّ بها في امتثالها لم يبق وجه لنهي الشارع عن العمل بالقياس ، إذ الدليل العقلي لا يقبل التخصيص. ويدفعه أنّ الوجه في نهيه عنه لعلّه عدم إفادته للظنّ ، أو وجود مفسدة في العمل به أقوى من مفسدة تفويت الواقع على تقدير ترك العمل به ، أو غير ذلك ممّا سيجيء عند بيان كيفيّة استثناء القياس من نتيجة دليل الانسداد ، فمجرّد نهيه عنه لا يكشف عن وجود طرق مخصوصة في امتثال الأحكام الشرعيّة.
٨١٧. حاصله : أنّ مطلق الظنّ ليس في عرض الظنون الخاصّة المجعولة حتّى يفرض الترديد والدوران بينهما ، لأنّ اعتبار الأوّل بحكم العقل إنّما هو عند عدم العلم بوجود الثاني. وبعبارة اخرى : أنّ الظنون الخاصّة طرق شرعيّة مجعولة من قبل الشارع ، والعمل بها موجب للقطع ببراءة الذمّة ، ومطلق الظنّ طريق عقلي معلّق اعتباره على عدم الأوّل كالأصل بالنسبة إلى الدليل ، لأنّ العقل لا يلتفت إلى الظنّ بالواقع في قبال القطع بالبراءة. فما دام الطريق الشرعيّ موجودا لا يحكم العقل باعتبار مطلق الظنّ ، وما لم يثبت وجوده بالعلم أو الظن الذي قام القطع على اعتباره فالعقل يستقلّ باعتبار مطلق الظنّ ، لأنّ العقل لا يلتفت إلى احتمال البراءة بالعمل بما يحتمل أن يكون طريقا شرعيّا مجعولا في مقابل الظنّ بالواقع المستلزم