إليه نظره ـ لا يوجب العلم الإجمالي بأنّ بعض هذه الطرق منصوبة ؛ لجواز خطأ كلّ واحد فيما أدّى إليه نظره.
واختلاف الفتاوى (٨١٤) في الخصوصيّات لا يكشف عن تحقّق القدر المشترك ،
______________________________________________________
٨١٤. لأنّ العلماء وإن اختار كلّ منهم طريقا خاصّا في امتثال الأحكام الشرعيّة ، إلّا أنّ اختلافهم في تعيين هذا الطريق يتصوّر على وجهين :
أحدهما : أن يكون مرجع نزاعهم في تعيين الطريق إلى أنّ الشارع هل جعل لنا طرقا مخصوصة ، أو أوكلنا إلى ما هو المقرّر عند العقلاء؟ ممّا تقدّم في كلام المصنّف رحمهالله.
وثانيهما : أن يكون مرجع خلافهم إلى تعيين ما اتّفقوا عليه من جعل الشارع طرقا مخصوصة لامتثال الأحكام ، بأن اتّفقوا على ذلك إلّا أنّهم اختلفوا في أنّ ما جعله الشارع هو هذا الطريق أو ذلك الطريق.
ونزاعهم في المقام يحتمل أن يكون من قبيل الأوّل ، لأنّ مجرّد اختيار كلّ منهم بعد البحث والنظر صنفا خاصّا من الأمارات ونسبته إلى جعل الشارع لا يستلزم إجماعهم على جعل الشارع صنفا خاصّا منها ، لأنّ ذلك إنّما يلزم لو كان كلّ منهم في مقام الاستدلال على مختاره في مقام بيان أنّ ما جعله الشارع في الواقع هو هذا دون غيره حتّى يلزم إجماعهم على القدر المشترك ، وإلّا فلا يتحقّق الإجماع عليه ، إذ ما لا يتعلّق القصد ببيانه لا ينعقد الإجماع عليه. وهذا نظير (*) ما
__________________
(*) في هامش الطبعة الحجريّة : «قوله : وهذا نظير ... ، اعلم أنّ في المقايسة ، ثمّ في إطلاق اشتراط العلم في المقيس عليه برجوع اختلاف المخبرين إلى الإخبار عن التعيين نظر.
أمّا الأول ، فإنّ جماعة إذا أخبروا عن شيء بحيث يمتنع تواطؤهم على الكذب ، فغاية ما يلزمه العلم بصدق بعض المخبرين ، وهو لا يستلزم العلم بالشجاعة والسخاوة في المثالين المشهورين ، لأنّ قتل بطل شجاع في غزوة وإعطاء مال جزيل في وقعة لا يكشف عن ملكة الصفتين ، لاحتمال ترتّب الأوّل على مقدّمات خارجة ، والثاني على أغراض أخر ، بخلاف ما لو كانوا بإخبارهم عن القضايا المختلفة في صدد الإخبار عن الشجاعة والسخاوة ، لأنّه بمنزلة إخبارهم عن الصفتين ، إذ صدق الواحد حينئذ