ويردّ هذا الوجه : أنّ العلم الإجمالي بوجود (٧٨٧) الواجبات والمحرّمات يمنع عن إجراء البراءة والاستصحاب المطابق لها المخالف للاحتياط ، بل وكذا العلم الإجمالي بوجود غير الواجبات والمحرّمات في الاستصحابات المطابقة للاحتياط يمنع عن العمل بالاستصحابات (٧٨٨) من حيث إنّها استصحابات ، وإن كان لا يمنع عن العمل بها من حيث الاحتياط ، لكنّ الاحتياط في جميع ذلك (٧٨٩) يوجب العسر.
وبالجملة (٧٩٠) فالعمل بالاصول النافية للتكليف في مواردها مستلزم
______________________________________________________
٧٨٧. فإنّه مع وجود العلم الإجمالي المذكور ، فإن اريد إجراء البراءة والاستصحاب في جميع أطرافه لزمت مخالفة العلم الإجمالي بثبوت التكليف في الجملة ، وارتفاع الحالة السابقة كذلك. وإن اريد إجرائهما في بعضها غير المعيّن فلا معنى له ، وفي بعضها المعيّن دون آخر لزم الترجيح بلا مرجّح.
٧٨٨. لأنّا إذا فرضنا إناءين نجسين ثمّ علم إجمالا بعروض الطهارة لأحدهما ، فالعلم بانتقاض الحالة السابقة في الجملة فيهما وإن كان يمنع استصحاب نجاستهما كما عرفته في الحاشية السابقة ، إلّا أنّ ذلك لا يمنع من الاجتناب من كلّ منهما من باب المقدّمة للاجتناب عن الحرام الواقعي. وما نحن فيه أيضا نظير الإنائين المشتبهين فيما ذكرناه ، فلا تغفل.
٧٨٩. لعلّ المشار إليه هو جميع موارد الاستصحابات المثبتة والنافية وأصالة البراءة ، لأنّه مع عدم جريان هذه الاصول يكون المورد مجرى لقاعدة الاشتغال ، لأنّ مجرّد احتمال التكليف في الواقع علّة تامّة لحكم العقل بالخروج من عهدة التكليف المحتمل ، إلّا أن يكون هنا أصل وارد أو حاكم على هذه القاعدة من الاصول اللفظيّة أو العمليّة. والعمل بأصالة البراءة في الشبهة البدويّة إنّما هو لحكومتها على قاعدة الاشتغال فيها ، كما صرّح به المصنّف رحمهالله في محلّه ، فعلى ما ذكرناه يئول الأمر إلى الاحتياط الكلّي ، وهو مستلزم للعسر بل اختلال النظم.
٧٩٠. ربّما يتوّهم أنّ هذا ليس جملة وحاصلا لما سبقه ، لأنّ المصنّف رحمهالله في السابق قد جعل المانع من جريان البراءة والاستصحاب النافي والمثبت هو العلم