هو مع التمكّن من المعرفة العلميّة ، أمّا مع عدم التمكّن فلا دليل عليه قطعا ؛ لأنّ اعتبار معرفة الوجه إن كان لتوقّف نيّة الوجه عليها ، فلا يخفى أنّه لا يجدي المعرفة الظنّية في نيّة الوجه ؛ فإنّ مجرّد الظنّ بوجوب شيء لا يتأتّى معه القصد إليه لوجوبه ؛ إذ لا بدّ من الجزم بالغاية. (*) ولو اكتفي بمجرّد الظنّ بالوجوب ـ ولو لم يكن نيّة حقيقة ـ فهو ممّا لا يفي بوجوبه ما ذكروه (٧٦٩) في اشتراط نيّة الوجه. نعم ، لو كان الظنّ المذكور ممّا ثبت وجوب العمل به تحقّق معه نيّة الوجه الظاهري على سبيل الجزم ، لكنّ الكلام بعد في وجوب العمل بالظنّ. فالتحقيق : أنّ الظنّ بالوجه إذا لم يثبت حجّيته فهو كالشكّ فيه لا وجه لمراعاة نيّة الوجه (**) معه أصلا.
وإن كان اعتبارها (٧٧٠) لأجل توقّف الامتثال التفصيلي المطلوب عقلا وشرعا عليه ـ ولذا أجمعوا ظاهرا على عدم كفاية الامتثال الإجمالي مع التمكّن من التفصيلي ، بأن يتمكّن من الصلاة إلى القبلة في مكان ويصلّي في مكان آخر غير معلوم القبلة إلى أربع جهات ، أو يصلّي في ثوبين مشتبهين أو أكثر ـ مرّتين أو أكثر ـ مع إمكان صلاة واحدة في ثوب معلوم الطهارة إلى غير ذلك ـ ففيه : أنّ ذلك إنّما هو مع التمكّن من العلم التفصيلي ، وأمّا مع عدم التمكّن منه كما فيما نحن فيه فلا دليل على ترجيح الامتثال التفصيلي الظنّي على الامتثال الإجمالي العلمي ؛ إذ
______________________________________________________
بوجه وجوبه وندبه الإتيان بالفعل الواجب أو المندوب بقصد كون وجوبه أو استحبابه لطفا ، أو الإتيان به بقصد الشكر ، أو لأجل أمر الآمر ، أو المركّب من الجميع أو من بعضها على اختلاف الآراء كما ذكره الشهيد الثاني.
٧٦٩. قال في كشف اللثام : الوجوب والندب والأداء والقضاء إنّما يجبان ـ يعني : يجب قصدهما في الصلاة ـ لأنّها إنّما تتعيّن بهما. وحاصله : أنّ اعتبار قصد الوجه إنّما هو لتمييز المأتيّ به عن غيره حيث يكون مشتركا.
٧٧٠. معطوف على قوله : «إن كان لتوقّف ...».
__________________
(*) في بعض النسخ : بدل «بالغاية» ، بالنية.
(**) في بعض النسخ زيادة : فيه.