الوجه التي أفتى جماعة بوجوبها وبإطلاق بطلان عبادة تارك طريقي (٧٦٤) الاجتهاد والتقليد.
وفيه أوّلا : أنّ معرفة الوجه ممّا يمكن (٧٦٥) ـ للمتأمّل في الأدلّة وفي
______________________________________________________
الاحتياط الكلّي وهو متّجه على هذا القول. وأمّا كون المتّجه بعده هو العمل بجميع الظنون أو بعضها فهو أمر آخر سيجيء الكلام فيه.
٧٦٤. ولو كان الترك بالعمل بالاحتياط.
٧٦٥. ربّما يتمسّك في نفي وجوب معرفة الوجه وقصده عند العمل بأصالة البراءة.
لا يقال : إنّ أصالة البراءة عند الشكّ في الأجزاء والشرائط إنّما تجري فيما كان الشكّ في جزئيّة شيء أو شرطيّته للمأمور به ، لا لامتثال الأمر وكيفيّة إطاعته ، وإلّا فالمحكّم فيه أصالة الاشتغال ، ولذا ترى أنّ المشهور مع ذهابهم إلى أصالة البراءة عند الشكّ في الأجزاء والشرائط ، ذهبوا إلى وجوب تقليد الأعلم وعدم جواز تقليد الموتى ، وليس الوجه فيه إلّا ما ذكرناه. وقصد الوجه أيضا من شرائط امتثال الأمر دون المأمور به ، إذ لو كان من شرائطه لزم الدور ، إذ قصد الوجه متأخّر عن نفس الأمر ، وشرائط المأمور به مأخوذة فيه قبل تعلّق الأمر به ، فلو كان من شرائط المأمور به لزم تقدّمه على الأمر. ولعلّ هذا هو السرّ في ترك المصنّف رحمهالله للتمسّك بها في المقام ، بل قد صرّح في غير المقام بما ذكرناه من اختصاصها بشرائط المأمور به ، وعدم جريانها عند الشكّ في شرائط الأمر ، بل تقدّم من المصنّف رحمهالله في مقصد حجّية القطع أنّه إذا شكّ بعد القطع بكون داعي الأمر هو التعبّد بالمأمور به لا حصوله بأيّ وجه اتّفق ، في أنّ الدّاعي هو التعبّد بإيجاده ولو في ضمن أمرين أو أزيد ، أو التعبّد بخصوصه متميّزا عن غيره ، فالأصل عدم سقوط الغرض الداعي إلّا بالثاني.
لأنّا نقول : إنّ كلّ فعل يتوقّف الحكم به على بيان الشارع ـ بمعنى قبح الحكم به من دون بيان ـ هو مجرى أصالة البراءة ، ولا فرق فيه بين شرائط الأمر والمأمور به. وقصد الوجه من قبيل ذلك ، إذ لا سبيل للعقل إليه نفيا وإثباتا ، كسائر