على اعتبارها الإجماع والسيرة ، إلّا أن يمنع قيامهما على اعتباره عند اشتباه الحكم الشرعيّ مع وجود الظنّ على خلافه. واعتباره من باب الاستصحاب ـ مع ابتنائه (٧٢٨) على حجّية الاستصحاب في الحكم الشرعيّ ـ رجوع إلى الظنّ العقلي أو الظنّ الحاصل من أخبار الآحاد الدالّة على الاستصحاب ، اللهمّ إلّا أن يدّعى تواترها ولو إجمالا ، بمعنى حصول العلم بصدور بعضها إجمالا ، فيخرج عن خبر الآحاد ، ولا يخلو عن تأمّل. وكيف كان ، ففي الأجوبة المتقدّمة ولا أقلّ من الوجه الأخير غنى وكفاية إن شاء الله تعالى.
المقدّمة الثالثة : في بيان بطلان وجوب تحصيل الامتثال بالطرق المقرّرة للجاهل من الاحتياط أو الرجوع في كلّ مسألة (٧٢٩) إلى ما يقتضيه الأصل في تلك المسألة أو الرجوع إلى فتوى العالم بالمسألة وتقليده فيها ، فنقول : إنّ كلّا من هذه الامور الثلاثة وإن كان طريقا شرعيّا في الجملة لامتثال الحكم المجهول إلّا أنّ منها ما لا يجب في المقام ومنها ما لا يجري. أمّا الاحتياط ، فهو وإن كان مقتضى الأصل والقاعدة العقليّة والنقليّة عند ثبوت العلم الإجمالي بوجود الواجبات والمحرّمات ، إلّا أنّه في المقام ـ أعني صورة انسداد باب العلم في معظم المسائل الفقهيّة ـ غير واجب
______________________________________________________
٧٢٨. حاصله : أنّه بناء على اعتبار أصالة العدم من باب الاستصحاب فهي لا تدخل في المستثنى ، بأن تكون مقطوعة الاعتبار ، إذ الدليل على اعتبارها حينئذ إمّا هو الإجماع أو العقل أو الأخبار. والأوّل مفقود ، لوجود الخلاف في اعتبار الاستصحاب في الأحكام. والثاني مبنيّ على اعتبار مطلق الظنّ ، وهو غير ثابت بعد. والثالث أيضا مبنيّ على اعتباره لكون أخبار الاستصحاب من الآحاد ، ودعوى تواترها ولو إجمالا لا تخلو من تأمّل.
٧٢٩. بأن يلاحظ كلّ مسألة مع قطع النظر عن العلم الإجمالي الحاصل في المسائل المشتبهة لأجل الانسداد الأغلبي ، فإن كان الشكّ فيها في التكليف مع عدم الحالة السابقة يرجع إلى أصالة البراءة ، ومعها إلى الاستصحاب ، وفي المكلّف به مع عدم إمكان الاحتياط إلى أصالة التخيير ، ومعه إلى قاعدة الاحتياط.