ويؤكّده (٧٢٢) : ما ورد من النهي عن اتّباع الظنّ.
وعلى هذا ، ففيما لم يحصل العلم به على أحد الوجهين وكان لنا مندوحة عنه (٧٢٣) كغسل الجمعة فالخطب سهل ؛ إذ نحكم بجواز تركه
______________________________________________________
بأن يقول : إنّ مطلق رجحان غسل الجمعة ثابت بالإجماع ، وبعد نفي احتمال وجوبه بالأصل يستقلّ العقل باستحبابه ظاهرا. وليس هذا حكما بالاستحباب الواقعي حتّى يقال إنّه بعد نفي المنع من الترك بالأصل لا يلزم أن يكون الرجحان الثابت بالإجماع حاصلا في ضمن فصل الاستحباب بحسب الواقع كما توهّمه. وهذا هو الوجه في حكمنا أيضا بالاستحباب حتّى فيما دار الأمر فيه بين الوجوب والكراهة ، إذ بعد نفي المنع من الترك بالأصل فالعقل يستقلّ بالاستحباب الظاهري لأجل احتمال الوجوب.
٧٢٢. يعني : عدم كفاية الظنّ. وأورد عليه المحقّق القمّي رحمهالله بأنّ ما دلّ من الآيات على النهي عن اتّباع الظنّ عمومات لا تفيد إلّا الظنّ وإن كان سندها قطعيّا ، بل هي ظاهرة في غير الفروع.
وفيه : أنّ هذه الآيات وإن كانت عمومات إلّا أنّ دلالتها قطعيّة الاعتبار ، لما قدّمناه في محلّه من كون ظواهر الكتاب من الظنون الخاصّة حتّى بالنسبة إلى غير المشافهين ، وأوضحنا هناك فساد ما توهّمه المحقّق المذكور من كون اعتبار الظواهر مطلقا بالنسبة إلى غير المشافهين من باب الظنّ المطلق. مع أنّ جمال العلماء قد جعل الآيات المذكورة مؤكّدة لا دليلا ، فلا وقع للإيراد حينئذ بما ذكره ، إذ لا ريب أنّه مع تسليم ما ذكره لا تخلو الآيات المذكورة من التأييد والتأكيد.
٧٢٣. أورد عليه المحقّق القمّي رحمهالله بأنّه «إن أراد أنّ هذا التخيير الذي هو في معنى البراءة في مقابل الدليل الظنّي ، وهو مقدّم ، فهو فاسد ، إذ بعد تعارض دليلي القولين لا شيء في مقابل البراءة حتّى يقال إنّه ظنّ لا نعمل به ، بل يرجع الكلام إلى مثل جريان أصل البراءة فيما لا نصّ فيه ، ومقابله أدلّة التوقّف والاحتياط ، وهو لا يقول به ، والمستدلّ أيضا لا يقول به. وإن أراد أنّ هذا التخيير إنّما هو في العمل