العقلي. والحاصل : أنّه لا ريب لأحد ـ فضلا عن أنّه لا خلاف ـ في أنّه على تقدير عدم بيان التكليف بالدليل العامّ أو الخاصّ فالأصل البراءة ، وحينئذ فاللازم إقامة الدليل على كون الظنّ المقابل بيانا.
وممّا ذكرنا ظهر (٧١٦) صحّة دعوى الإجماع على أصالة البراءة في المقام (٧١٧) ؛ لأنّه إذا فرض عدم الدليل على اعتبار الظنّ المقابل صدق قطعا عدم البيان ، فتجري البراءة. وظهر فساد دفع (٧١٨) أصل البراءة بأنّ المستند فيها إن كان هو الإجماع فهو مفقود في محلّ البحث ، وإن كان هو العقل فمورده صورة عدم الدليل ولا نسلّم عدم الدليل مع وجود الخبر. وهذا الكلام ـ خصوصا الفقرة الأخيرة منه ـ ممّا يضحك الثكلى ؛ فإنّ عدم ثبوت كون الخبر دليلا يكفي في تحقّق مصداق القطع بعدم الدليل الذي هو مجرى البراءة.
______________________________________________________
٧١٦. أي : من عدم الخلاف بين العقلاء ، وإنّ من أوجب الاحتياط إنّما أوجبه بزعم وجود البيان.
٧١٧. أعني : صورة الانسداد الأغلبي.
٧١٨. توضيح الدفع : أنّه لا إشكال في عدم جواز العمل بأصالة البراءة فيما حصل العلم التفصيلي بالحكم الواقعي ، كما أنّه لا إشكال في جواز العمل بها في الشبهات البدويّة الخالية من العلم الإجمالي ، إذ مستندها عقلا وشرعا هو قبح التكليف بلا بيان ، ولا ريب في حصول البيان مع العلم التفصيلي ، وعدمه في الشبهات البدويّة.
وأمّا مع العلم الإجمالي كما في المقام ، فالمستند إن كان هو الإجماع فهو في محلّ النزاع ـ أعني : ما قام فيه خبر العدل على خلاف البراءة ـ ممنوع ، كما ذكره جماعة ومنهم صاحب المعالم. وإن كان هو العقل فمورده صورة عدم الدليل والبيان ، ومع وجود الخبر يشكّ في عدم البيان ، لاحتمال كونه دليلا وبيانا ، فلا يبقى مجال للبراءة ، لاشتراط جريانها بإحراز عدم البيان ، فلا تجري مع الشكّ فيه. وإن شئت قلت : يحتمل اكتفاء الشارع في البيان بالعلم الإجمالي في المقام ، فلا تجري