بعدم وقوعه. وثالثا : لو سلّمنا وقوعه ، لكن لا يجوز حينئذ العمل (٧١٢) بعدم التكليف في جميع الوقائع لأجل العلم الإجمالي المفروض ؛ فلا بدّ حينئذ من التبعيض بين مراتب الظنّ بالقوّة والضعف ، فيعمل في موارد الظنّ الضعيف بنفي التكليف بمقتضى الاحتياط ، وفي موارد الظنّ القويّ بنفي التكليف بمقتضى البراءة ، ولو فرض التسوية في القوّة والضعف كان الحكم كما لو لم يكن ظنّ في شيء من تلك الوقائع : من التخيير إن لم يتيسّر لهذا الشخص الاحتياط ، وإن تيسّر الاحتياط تعيّن الاحتياط في حقّ نفسه وإن لم يجز لغيره تقليده ، ولكنّ الظاهر أنّ ذلك مجرّد فرض غير واقع ؛ لأنّ الأمارات كثير منها مثبتة للتكليف ، فراجع كتب الأخبار.
ثمّ إنّه قد يردّ الرجوع إلى اصالة البراءة تبعا لصاحب المعالم وشيخنا البهائي في الزبدة رحمهماالله : بأنّ اعتبارها من باب الظنّ ، والظنّ منتف في مقابل الخبر ونحوه من أمارات الظنّ. وفيه : منع كون البراءة من باب الظنّ. كيف؟ ولو كانت كذلك لم يكن دليل على اعتبارها ، بل هو من باب حكم العقل القطعي بقبح التكليف من دون بيان.
وذكر المحقّق القمّي رحمهالله (٧١٣) في منع حكم العقل المذكور : أنّ حكم العقل إمّا أن يريد به الحكم القطعي أو الظنّي ، فإن كان الأوّل ، فدعوى كون مقتضى أصل
______________________________________________________
موارد علمه الإجمالي بوجود واجبات ومحرّمات واقعيّة في موارد الظنون الخاصّة يندفع الامتناع المذكور ، لعدم استحالة اجتماع الظنون النوعيّة مع العلم الإجمالي بالخلاف. وهذا الوجه محكيّ عن مجلس درس المصنّف رحمهالله.
٧١٢. الوجه في عدم جواز العمل بالظنّ مع العلم الإجمالي المفروض هو عدم الدليل عليه من العقل والنقل ، لأنّ العقل إنّما يحكم بحجيّة الظنّ بملاحظة غلبة إيصاله إلى الواقع ، وإذا فرضت كثرة مخالفته له فهو لو لم يدلّ على عدم اعتباره حينئذ لا يدلّ على اعتباره لا محالة ، فاللازم لمثل هذا إمّا تقليد غيره ، أو التبعيض في العمل بمظنوناته على نحو ما ذكره المصنّف رحمهالله.
٧١٣. ذكره في مقام الردّ على جمال العلماء ، لأنّه قد أورد ذلك على قوله الآتي : «لأنّ العقل يحكم بأنّه لا يثبت علينا إلّا بالعلم به ...».