قلت : أوّلا (٧١١):
______________________________________________________
فإن قلت : نعم ، ولكن إذا بنى الفقيه على استنباط الأحكام المجهولة عن الأدلّة الظنّية ، فإذا انتهى إلى آخر الفقه يعلم إجمالا بمخالفة جملة من مظنوناته للواقع ، فمحذور العمل بأصالة البراءة وارد في العمل بالظنّ أيضا. ومع تسليم عدم حصول العلم الإجمالي فلا أقلّ من حصول الظنّ إجمالا بذلك ، فإذا قلنا باعتبار مطلق الظنّ فلا بدّ من الاعتداد بهذا الظنّ أيضا ، وهو مستلزم لعدم جواز العمل بمطلق الظنّ ، وما يستلزم وجوده عدمه فهو محال.
قلت : أمّا الأوّل فيدفعه أوّلا : ما أجاب به المصنّف رحمهالله أوّلا عمّا أورده على نفسه ، على ما سنشير إلى توضيح كلامه مع ما يدفعه.
وثانيا : أنّ حصول العلم الإجمالي بمخالفة بعض اجتهاداته للواقع من قبيل شبهة القليل في الكثير ، بخلاف علمه إجمالا بمخالفة أصل البراءة للواقع لأنّه من قبيل شبهة الكثير في الكثير ، والعقل لا يأبى عن العمل بالظنّ في الأوّل ، بخلاف العمل بأصالة البراءة في الثاني.
وأمّا الثاني فيدفعه أوّلا : امتناع حصول الظنّ الفعلي الإجمالي بمخالفة بعض مظنوناته الفعليّة للواقع ، نظير العلم الإجمالي ستعرفه. لكن يدفعه ما ستعرفه أيضا.
وثانيا : أنّ اشتباه الظنّ المخالف للواقع بالظنّ الموافق له من قبيل شبهة القليل في الكثير ، بخلاف العمل بأصالة البراءة المستلزم للمخالفة الكثيرة ، لأنّه من قبيل شبهة الكثير في الكثير كما عرفت.
وثالثا : أنّ الأمر في المقام دائر بين العمل بأصالة البراءة المستلزم للمخالفة القطعيّة ، وبين العمل بالظنّ المستلزم للمخالفة الظنّية ، ولا ريب أنّه مع دوران الأمر بينهما فالثاني أولى من الأوّل بحكم العقل ، نظير ما لو دار الأمر بين شرب إناء مسموم قطعا وآخر مسموم ظنّا ، إذ لا ريب في حكم العقل بتعيّن ارتكاب الثاني.
٧١١. لأنّ المعتبر على القول باعتبار الظنّ المطلق هو الظنّ التفصيلي الفعلي ،