حيث تقدّم عنه الاستدلال على حجّية أخبار الآحاد : بأنّا نقطع مع طرح أخبار الآحاد في مثل الصلاة والصوم والزكاة والحجّ والمتاجر والأنكحة وغيرها ، بخروج حقائق هذه الامور عن كونها هذه الامور ، وهذه عبارة اخرى عن الخروج عن الدين الذي عبّر به جماعة من مشايخنا. ومنهم : بعض شرّاح الوسائل ، حيث استدلّ على حجّية أخبار الآحاد : بأنّه لو لم يعمل بها بطل التكليف ، وبطلانه ظاهر.
ومنهم : المحدّث (٧٠٦) البحراني صاحب الحدائق حيث ذكر في مسألة ثبوت الربا في الحنطة بالشعير خلاف الحليّ في ذلك ، وقوله بكونهما جنسين (٧٠٧) وأنّ الأخبار الواردة في اتّحادهما آحاد لا توجب علما ولا عملا ، قال في ردّه : إنّ الواجب عليه مع ردّ هذه الأخبار ونحوها من أخبار الشريعة هو الخروج عن هذا الدين إلى دين آخر (١٩) ؛ انتهى. ومنهم : العضدي تبعا للحاجبي حيث حكى عن بعضهم الاستدلال على حجّية خبر الواحد بأنّه لولاها لخلت أكثر الوقائع عن المدرك. ثمّ ، إنّه وإن ذكر في الجواب عنه : أنّا نمنع الخلو عن المدرك ؛ لأنّ الأصل من المدارك ، لكنّ هذا الجواب من العامّة القائلين بعدم إتيان النبيّ صلىاللهعليهوآله بأحكام جميع الوقائع ، ولو كان المجيب من الإماميّة القائلين بإتمام الشريعة وبيان جميع الأحكام لم يجب بذلك. وبالجملة فالظاهر أنّ خلوّ أكثر الأحكام عن المدرك المستلزم للرجوع فيها إلى نفي الحكم وعدم الالتزام في معظم الفقه بحكم تكليفي ، كأنّه أمر مفروغ البطلان.
والغرض من جميع ذلك الردّ على بعض من تصدّى لردّ هذه المقدّمة (٢٠) ، ولم
______________________________________________________
٧٠٦. في دلالة كلامه على المدّعى نظر ، لأنّ صاحب الحدائق إنّما ذكر ما ذكره في مقام الردّ على الحلّي ، لأجل كون اعتبار أخبار الآحاد ـ سيّما الموثوق بالصدور منها ـ عنده من الواضحات التي تكاد تلحق بالضروريّات ، فمقصوده أنّ من أنكر اعتبار أخبار الآحاد يكاد يخرج من هذا الدين إلى دين آخر ، إذ كلّ من دخل في هذا الدين علم اعتبارها. فما ذكره مبالغة في ردّ الحلّي ، ولا دخل له فيما نحن فيه من بطلان العمل بأصالة البراءة لأجل استلزامه المخالفة الكثيرة.
٧٠٧. مختلفين ، فلا ربا بينهما.