الرابعة : أنّه إذا بطل (٦٨٦) الرجوع في الامتثال إلى الطرق الشرعيّة المذكورة
______________________________________________________
هي عليها منجّزة في حقّنا. وإمّا أن يريد به كوننا غير مهملين كالبهائم ، وكوننا مخاطبين بخطاب ، ولو كان ذلك هو العمل بمقتضى الاصول من البراءة والاحتياط وغيرهما. وإمّا أن يريد به كوننا مخاطبين بخطاب تكليفي ، وإن كان هو العمل بحكم ظاهري مثل الاحتياط ، دون العمل بمقتضى أصالة البراءة. وهذا أخصّ من سابقه.
وشيء من هذه الوجوه لا يقضي بما قدّمناه. أمّا الأوّل فإنّ إثبات بقاء الأحكام التي جاء بها النبيّ صلىاللهعليهوآله وعدم نسخها وإن كان من مقدّمات إثبات حجية الظنّ ، إلّا أنّه من مقدّماته البعيدة ، فلو بني التعرّض لمثل ذلك في المقام فلا بدّ من التعرّض لإثبات وحدانيّته تعالى ونبوّة نبيّنا صلىاللهعليهوآله وكونه خاتم الأنبياء وهكذا ، ولا ريب أنّ التعرّض لأمثال هذه المقدّمات ليس مناسبا لهذا العلم.
وأمّا الثاني فإنّه هادم لأساس حجّية الظنّ المطلق ، لأنّه مع تنجّز التكليف بالأحكام الواقعيّة على ما هي عليه كيف يكتفي في مقام الامتثال بمطلق الظنّ؟ بل ذلك لا يجتمع مع فرض الانسداد الأغلبي ، لاستلزام التكليف بما لا يطاق.
وأمّا الثالث والرابع فإنّ مرتبتهما متأخّرة عن فرض الانسداد ، لأنّ التكلّم في كوننا مكلّفين في الجملة ـ ولو كان هو العمل بالاصول أو الظنّ أو الشكّ أو الوهم أو التقليد للعالم أو القرعة أو نحو ذلك كما سيجيء ـ إنّما هو بعد الانسداد ، لأنّ المناسب مع فرض انفتاح باب العلم هو التكلّم في كوننا مكلّفين بنفس الأحكام الواقعيّة أو بالأعمّ منها ومن الظنون الخاصّة كما هو واضح.
فالمتعيّن حينئذ جعل الانسداد هي المقدّمة الاولى ، وبقاء التكليف هي المقدّمة الثانية كما صنعه المصنّف رحمهالله. والأولى في تقرير هذه المقدّمات تقريرها على النهج الذي قرّرها المصنّف رحمهالله به ، فلا تغفل.
٦٨٦. ربّما يتوّهم كون حاصل هذه المقدّمة هي النتيجة المطلوبة في المقام ، وهو فاسد ، لأنّ المقصود منها إثبات عدم جواز الاقتناع بالموافقة الاحتماليّة أو الموهومة بعد إثبات عدم جواز الرجوع أو عدم وجوبه إلى الطرق المقرّرة