الدليل الرابع : هو الدليل المعروف بدليل (٦٨٥) الانسداد وهو مركّب من مقدّمات : الاولى : انسداد باب العلم والظنّ الخاصّ في معظم المسائل الفقهيّة. الثانية : أنّه لا يجوز لنا إهمال الأحكام المشتبهة وترك التعرّض لامتثالها بنحو من أنحاء امتثال الجاهل العاجز عن العلم التفصيلي (*) ، بأن نقتصر في الإطاعة على التكاليف القليلة المعلومة تفصيلا أو بالظنّ الخاصّ القائم مقام العلم بنصّ الشارع ، ونجعل أنفسنا في تلك الموارد ممّن لا حكم عليه فيها كالأطفال والبهائم ، أو ممّن حكمه فيها الرجوع إلى أصالة العدم. الثالثة : أنّه إذا وجب التعرّض لامتثالها فليس امتثالها بالطرق الشرعيّة المقرّرة للجاهل من الأخذ بالاحتياط الموجب للعلم الإجمالي بالامتثال أو الأخذ في كلّ مسألة بالأصل المتّبع شرعا في نفس تلك المسألة مع قطع النظر عن ملاحظتها منضمّة إلى غيرها من المجهولات ، أو الأخذ بفتوى العالم بتلك المسألة وتقليده فيها.
______________________________________________________
الاستصحاب والاحتياط والتخيير ، ولا يلزم ذلك من القول بعدم وجوب الاحتياط في الموهومات لأجل استلزام الاحتياط فيها وفي غيرها للعسر والحرج ، لعدم استلزام ذلك لحجّية الظنّ ، كما سيجيء توضيح ذلك فيما أورده المصنّف رحمهالله على دليل الانسداد الآتي.
٦٨٥. قد يعبّر بالدليل الرابع ، وهذا أيضا معروف ، لأنّ صاحب المعالم قد جعله رابع الأدلّة فاشتهر بذلك. وربّما تجعل المقدّمة الاولى هو بقاء التكليف ، والثانية انسداد باب العلم في أغلب الأحكام. ولا وجه له ، لأنّه لا يخلو : إمّا أن يريد من بقاء التكليف وجود الأحكام الواقعيّة بحيث لو علمنا بها لكنّا مكلّفين بها ، بأن يقال : إنّا قد علمنا أنّ الله سبحانه قد أرسل رسولا ، وأنزل إليه أحكاما ، وأنّ هذه الأحكام باقية بحيث لو حصل لنا العلم بها لكنّا مكلّفين بها فعلا. وإمّا أن يريد به كوننا مكلّفين بالأحكام الواقعيّة فعلا ، بأن كانت الأحكام الواقعيّة على ما
__________________
(*) في بعض النسخ : بدل «التفصيلي» ، اليقيني.