من أنّه لا ريب في وجود واجبات ومحرّمات كثيرة بين المشتبهات ، ومقتضى ذلك وجوب الاحتياط بالإتيان بكلّ ما يحتمل الوجوب ولو موهوما ، وترك ما يحتمل الحرمة كذلك ، ولكن مقتضى قاعدة نفي العسر والحرج عدم وجوب ذلك كلّه ، لأنّه عسر أكيد وحرج شديد ؛ فمقتضى الجمع بين قاعدتي «الاحتياط» و «انتفاء الحرج» العمل بالاحتياط في المظنونات دون المشكوكات والموهومات ؛ لأنّ الجمع على غير هذا الوجه بإخراج بعض المظنونات وإدخال بعض المشكوكات والموهومات باطل إجماعا.
وفيه : أنّه راجع إلى دليل الانسداد الآتي (٦٨٣) ؛ إذ ما من مقدّمة من مقدّمات ذلك الدليل إلّا ويحتاج إليها في إتمام هذا الدليل ، فراجع وتأمّل حتّى يظهر لك حقيقة الحال ، مع أنّ العمل (٦٨٤) بالاحتياط في المشكوكات أيضا كالمظنونات لا يلزم منه حرج قطعا ، لقلّة موارد الشكّ المتساوي الطرفين كما لا يخفى ، فيقتصر في ترك الاحتياط على الموهومات فقط. ودعوى : أنّ كلّ من قال بعدم الاحتياط في الموهومات قال بعدمه أيضا في المشكوكات في غاية الضعف والسقوط.
______________________________________________________
٦٨٣. لو قال : إنّه راجع إلى دليل الانسداد الآتي مع الإخلال ببعض مقدّماته ، من عدم جواز الرجوع إلى الاصول والقواعد المقرّرة للجاهل ، كان أحسن.
٦٨٤. حاصله : أنّ المستدلّ حيث ادّعى أنّ مقتضى القاعدة بعد الانسداد الأغلبي هو الاحتياط الكلّي لو لا استلزامه العسر ، فلازمه أن يقتصر في اندفاع العسر على رفع اليد عن الاحتياط بمقدار يندفع به العسر ، فيلزمه أن يلتزم بالاحتياط في المشكوكات أيضا ، لعدم لزوم العسر مع إضافتها إلى المظنونات ، لقلّة موارد الشكوك المتساوية الطرفين ، بل ومع إضافة الموهومات التي يكون احتمالها قويّا أيضا. ودعوى أنّ من قال بعدم وجوب الاحتياط في الموهومات قال به في المشكوكات أيضا ، في غاية من الضعف والسقوط ، لأنّ عدم وجوب الاحتياط في الموهومات عند القائل به إنّما هو لأجل قوله بحجّية الظنّ في موارده ، ومقتضاها جواز الرجوع في المسائل الخالية من الظنّ إلى الاصول الجارية فيها من البراءة و