.................................................................................................
______________________________________________________
يستحقّ تاركه العقاب ، وبالمرجوح ما لا يستحقّ تاركه ذلك ، حيث قال : وبالجملة ، المراد أنّ الفتوى والعمل بالموهوم مرجوح عند العقل والفتوى ، والعمل بالراجح حسن. ووجهه : أنّ الأوّل يشبه الكذب بل هو هو ، بخلاف الثاني ، ولا يجوز ترك الحسن واختيار القبيح.
ويرد عليه أوّلا : أنّ حمل لفظي الراجح والمرجوح على هذا المعنى خلاف ظاهرهما كما عرفت.
وثانيا : أنّ حكمه بكون الموهوم هو الكذب بعينه ممّا لا وجه له ، إذ الصدق عند المشهور ما كان مطابقا للواقع ، والكذب ما كان مخالفا له ، والموهوم قد يكون مطابقا للواقع. نعم ، قد ذهب النظام إلى كون الصدق ما كان مطابقا للاعتقاد ، والكذب ما كان مخالفا له ، ولكنّه لم يرتضه.
وثالثا : أنّ الموهوم إذا كان كذبا فلازمه كون المظنون صدقا ، وليس كذلك ، إذ الصدق عنده وعند الأكثر كما عرفت ما كان مطابقا للواقع ، والمظنون قد يخالفه. بل قد يقال بكون الإخبار عن شيء مع كون المخبر به مظنونا داخلا في أفراد الكذب ، لأنّه إذا قال : زيد قائم ، فظاهره الجزم بوقوع النسبة ، فكأنّه قد أخبر عن جزمه ويقينه ، فلو كان وقوعها مظنونا كان مخالفا للواقع الذي هو كونه جازما به. نعم ، لو أخبر حينئذ عن ظنّه ، بأن قال : ظنّي أنّه كذا ، كان صدقا.
ورابعا : مع تسليم كون الإخبار على طبق الوهم كذبا ، أنّه لا ريب في عدم اتّصاف العمل بالوهم به ، لوضوح كون الصدق والكذب من أوصاف الكلام دون الأفعال ، وقد تبيّن أنّ المراد بالراجح والمرجوح في ألفاظ الدليل هو المظنون والموهوم.
ويظهر وجه كون اختيار الموهوم على المظنون قبيحا بملاحظة مقدّمتين :
إحداهما : أنّ الغرض من البحث عن الحكم الفرعي وطلبه هو الوصول إلى الواقع ، ويلزمه أن يكون الأخذ بالمظنون موافقا للغرض ، لكونه أقرب إلى